الثلاثاء، 11 أكتوبر 2016

ذكــرُ الله

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهدُ أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وبعد:-

فإن من عوامل تقوية الإيمان وتقويةِ الصلةِ بالله عزّ وجلّ: ذكرُ الله تعالى، وما حصل الضعفُ في علاقاتنا بالله تعالى إلاّ من وراء إهمال ونسيان ذكر الله تعالى.

        والأذكارُ الشرعية التي وردت في الكتاب والسُنّة أهملها كثيرٌ من المسلمين فلا بد من التذكير بهذا الموضوع الذي نحتاجه جميعاً بلا استثناء.

فضــلُ الذكــر:

*   أمرنا الله بالإكثار من ذكره فقال )يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً، وسبحوه بكرةً وأصيلاً( وأخبرنا بأن ذكرهُ تعالى به تطمئنُّ القلوب فقال تعالى )ألا بذكرِ اللهِ تطمئنُّ القلوب(

*       وهكذا كانَ رسول الله صلي الله عليه وسلم يذكرُ اللهَ على كلِّ أحيانِه كما قالت عائشة – رواه مسلم.

وقال رسول الله (صلي الله عليه وسلم) (ألا أخبركم بخير أعمالِكم وأزكاها عند ملكيكُم، وأرفعِها في درجاتكم، وخيرٍ لكم من إنفاقِ الذهب والفضَّة، ومن أن تلقَوا عدوّكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: (ذكرُ اللهَ عزّ وجلّ). رواه أحمد وهو صحيح.
*   وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة مرفوعاً (سبق المفرِّدون، قيل: وما المفرِّدون يا رسول الله؟ قال: الذاكرون الله كثيراً والذاكرات(

*   وفي صحيح مسلم (7/21) قال رسول الله صلي الله عليه وسلم (لا يقعدُ قـومٌ في مجلس يذكرون اللهَ فيه، إلاّ حفَّتهُمُ الملائكةُ ، وغشيتَهُمُ الرحمةُ، ونزلت عليهم السكينةُ، وذكرهُمُ اللهُ فيمن عنده(

*   روى الترمذيُّ وابنُ ماجةُ وغيرهما عن عبد الله بن بسر أن رجلاً قال: يا رسول الله إنّ أبواب الخيرِ كثيرةٌ، ولا أستطيع القيامَ بكلِّها، فأخبرني بما شئتَ أتشبَّثُ به، ولا تكثُر عليَّ فأنسى، قال: (لا يزالُ لسانُك رطباً بذكر الله تعالى(

*       وفي الصحيحين عن أبي موسى عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: (مثلُ الذي يذكُر ربَّه والذي لا يذكُرُ ربَّه مثلُ الحيِّ والميِّت(

*   وعن معاذ بن جبل عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: (ليس تحسُّرُ أهلِ الجنّةِ إلا على ساعةٍ مرَّت بهم لم يذكروا الله عزّ وجلَّ فيها) رواه الطبراني وغيره وهو في صحيح الجامع (5446(

*   عن أبي هريرة عن النبي صلي الله عليه وسلم (ما جلس قومٌ مجلساً لم يذكروا اللهَ فيه ولم يصلَّوا على نبيِّهم، إلاّ كان عليهم تِرّةً، فإن شاء عذّبهم وإن شاء غفر لهم). رواه أحمد وغيره – صحيح الجامع (5607(

*   قال ابنُ القيّم في الوابل الصيّب من العمل الطيّب ص 80: (وقال أبو الدرداء رضي الله عنه: لكلِ شيءٍّ جلاءٌ وإن جلاءَ القلوب ذكرُ الله عزّ وجلَّ، قال ابنُ القيّم: ولا ريب أن القلبَ يصدأ كما يصدأ النحاسُ، فجلاؤه بالذكر، وصدأ القلب بأمرين: بالغفلةِ والذنب، وجلاؤه بشيئين: الاستغفار والذكر).

*       فوائــد الذكــر :

     ذكر ابنُ القيِّم في الوابل الصيِّب 78 فائدة منها:

1-    أنه يطرد الشيطان ويقمعُه ويكسرُه.
2-    أنه يرضي الرحمنَ عزّ وجلّ.
3-    أنه يزيلُ الهمّ والغمّ عن القلب.

4-    أنه يجلبُ للقلب الفرحَ والسرورَ.
5-    أنه ينوّرُ الوجه والقلب.

6-    أنه يورَثُه المحبّةَ لله عزّ وجلَّ.

7-    أنه يورثُه المراقبةَ والإنابةَ والقربَ من الله عزّ وجلّ.

8-    أنه يحطُّ الخطايا ويذهبُها.

9-    أنه ينجي من عذاب الله تعالى كما في الحديث (ما عملَ آدميٌ عملاً أنجى له من عذاب الله من ذكر الله تعالى) رواه أحمد وغيره وهو في صحيح الجامع (5644)

10- أنه سببُ تنزيل السكينةَ، وغشيانِ الرحمةَ وحفوفِ الملائكة بالذاكر.

11-   أنه سببُ اشتغال اللسان عن الغيبة والنميمة والكذِب والباطل.

12- أنه أيسرُ العبادات وهو من أجلِّها وأفضِلها.

13- أن دوامَ ذكرِ الله يوجبُ الأمانَ من نسيانه الذي هو سبب الشقاء للعبد.

14- أن مجالس الذكرِ هي رياضُ الجنّةِ في الدنيا، ومجالسُ الملائكة في الدنيا وسببُ المغفرة، ففي الصحيحين حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم (إنّ لله ملائكةً يطوفون في الطُرقِ يلتمسون أهلَ الذكر، فإذا وجدوا قوماً يذكرون الله عزّ وجلّ، تنادوا: هلُمُّوا إلى حاجتكم، قال: فيحفُونُهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا، قال: فيسألهُم ربُّهم تعالى وهو أعلم بهم: ما يقولُ عبادي ...... قال: يقول فأُشهدكُم أنِّي قد غفرتُ لهم، قال: فيقول ملكٌ من الملائكة: فيهم فلانٌ ليس منهم، إنّما جاء لحاجةٍ، قال: هم الجلساءُ لا يشقى بهم جليسُهُم)

15- ومن فوائد الذكر: أنه من أكبر العون على طاعته عزّ وجلّ فإنَّه يحبِّبُها إلى العبد ويُسِّهُلها عليه.

16- أن ذكر الله يُسهِّلُ الصعبَ ويُيَسُّرُ العسيرَ ويُخفّفُ المشاقَّ.

17- أن ذكر الله يذهبُ عن القلبِ مخاوفَهُ كلَّها وله تأثيرٌ عجيبٌ في حصول الأمنِ، حتى كأن المخاوفَ التي يجدها أمانٌ له، والغافلُ خائفٌ مع أمنِه، ومن له أدنى حسٍّ قد جرّب هذا وهذا.

18- أن ذكر الله يُعطى الذّاكرَ قوةً في جسمه: يقول ابنُ القيّم: (وقد شاهدتُ من قوّة شيخ الإسلام في سننه وكلامه وإقدامه وكتابه أمراً عجيباً، فكان يكتب في اليوم من التصنيف ما يكتبُه الناسخُ في جمعةٍ وأكثر، وقد شاهد العسكرُ من قوته في الحربِ أمراً عظيماً) الوابل الصيّب لابن القيّم.

   وقد علَّمَ النبيُّ (صلي الله عليه وسلم) ابنته فاطمة وعلياً أن يسبِّحا كلَّ ليلةٍ إذا أخذا مضاجعهما ثلاثاُ وثلاثين ويحمدا ثلاثاً وثلاثين ويكبرا ثلاثاً وثلاثين، لمّا سألته الخادمَ، فعلمها ذلك وقال: (إنه خيرٌ لكما من خادم) متفق عليه. وهذا يدل على أنّ للذكر تأثير في جسم الذاكر.
19- أن كثرة ذكر الله أمانٌ من النِّفـاق فإن المنافقيـن (لا يذكرون الله إلاَّ قليلـاً) النساء 142.
20- أن في دوام الذكر في الطريق والبيت والحضر والسفر، تكثيـراً لشهـود العبد يوم القيامة.
21- الذاكرون الله كثيراً همْ أسبقُ الناسِ إلى الآخرةِ وفي الحديث (سبق المفرِّدون..) مسلم.


    ورغم هذه الفوائد الكثيرة لذكر الله فإننا نجدُ كثيراً من الناس قد أهملوا وقصَّروا في ذلك فلماذا؟

*       أسباب إهمال كثير من الناس الأذكار الشرعية:

1.  عدمُ معرفةِ فوائدُ الذكر، فلا بد من معرفة هذه الفوائد وقد ذكر ابن القيّم منها قريباً من الثمانين فلتراجع في كتابه الوابل الصيِّب من العمل الطيِّب.
2.  الجهلُ بالأذكار الشرعية، والواجبُ تعلُّمها واستعمالُها دائماً لترسخ في الذهن.
3.  عدمُ معرفةِ الأجر لهذه الأذكار مثل قول لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ... في اليوم مئة مرّة، ومثل قول سيّد الاستغفار في الصباح والمساء ... وهكذا. وتلاوة القرآن وسبحان الله وبحمده.
4.  ومن الأسباب أيضاً: عدمُ معرفةِ معاني بعض الأذكار مثل معنى (أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي ..) في سيّد الاستغفار . فلا بد من معرفة معاني الأذكار والرجوع إلى كتب شروح الحديث وكتب اللغة وكذلك كتاب تحفة الذاكرين للشوكاني.
5.  ومن أسباب الإهمال: البيئة السيئة والرفقة السيئة التي لا تعين على ذكر الله تعالى.
6.   ومن أسباب الإهمال: الاعتقاداتُ الخاطئةُ مثل الاعتقاد بأن التلفّظ بالأذكار بدعة قياساً على النيَّة، ومثل الظن بأن الجهر بالأذكار يخالف الحضارة والرقيِّ.
7.  ومن الأسباب أيضاً: الانشغالُ في وقتِ الأذكار الشرعية بالأعمال الدنيوية أو النوم حتى يفوت وقت الأذكار.
8.  ومن الأسباب: التسويف، فيؤجل بعض الأذكار حتى ينساها مثل الأذكار التي بعد الصلوات وأذكار النوم.
9.    ومن الأسباب: كثرة الأعمال والأشغال فلا يحضر مجالـس العلم ولا يحافظ على الأذكار.
10.  ومن أسباب التقصير والإهمال للأذكار الشرعية: كثرة الذنوب والمعاصي وعدم تذكر الموت  والتوسُّع في المباحات.
11.  ومن أسباب الإهمال: مشاهدةُ بعضُ ذوي الأسوة والقدوة على شيئٍ من التفريط والإهمال مثل عدم ترديده للآذان والانصراف بعد الصلاةِ مباشرة بدون أذكار دبر الصلوات وغيرها.
12.  ومن الأسباب: عدم التربية على هذه الأذكار الشرعية منذ الصِّغَر .
13.  ومن أسباب إهمال الأذكار الشرعية: عدم مراجعة هذه الأذكار ، فلا بد من مراجعتها من الكتب ومع طلبة العلم.

*       آداب وأحكـام الذكـر:

1.     قال النوويُّ رحمه الله (أعلم أنَّ فضيلة الذكر غيرُ منحصرةٍ في التسبيح والتهليل والتحميد ونحوها، بل كلُ عاملٍ لله تعالى بطاعة فهو ذاكرٌ الله تعالى، كذا قال سعيد بن جبير وغيرُه من العلماء. وقال عطاءٌ رحمه الله (مجالس الذكر هي مجالس الحلال والحرام: كيف تصلي و تصوم وتشتري وتبيع) الأذكار ص 70.
2.     قال النوويُّ رحمه الله (أجمع العلماءُ على جواز الذكر بالقلب واللسان للمحدثِ والجنب والحائض والنفساءِ وذلك في التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير والصلاة على النبي والدعاء وغير ذلك).
3.     قال النوويُّ (ينبغي لمن كان له وظيفةٌ من الذكر في وقتٍ من ليلٍ أو نهارٍ أو عقيب صلاة ففاتته، أن يتداركَها ويأتي بها إذا تمكّنَ منها ولا يُهملها، فقد ثبت في صحيح مسلم عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله (من نام عن حزبه، أو عن شيئ منهُ، فقرأهُ ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كُتب له كأنما قرأهُ من الليل) مسلم رقم (747)

4.       يجب قطعُ الذكر في الحالات التالية:

أ‌)         ‌إذا سلَّم عليه أحدٌ فيجبُ عليه ردُّ السلامِ.
ب‌)      إذا عطس عنده عاطس فحمد الله، فعليه أن يُشمِّتَهُ.
ت‌)      إذا بدأ الخطيبُ في خطبة الجمعة.
ث‌)      إذا سمع المؤذِّن أجابَهُ لأن إجابة المؤذن واجبة على الراجح.
ج‌)       إذا رأى منكراً أزاله أو رأى معروفاً أمر به لأنهما واجبان.
ح‌)       إذا غلبهُ النعاسُ فليرقد فلعلّه إذا ذكر دعا على نفسه.

5.  الأفضلُ الاستسرار بالذكر إلاّ ما ورد فيه الجهر مثل التلبية والآذان والإقامة والتكبير في العيدين والتهنئة بالزواج وغيرها.
6.  الذكر الجماعي من البدع إلاّ ما ورد الدليل فيه.

*   وإليك هذه القاعدة المهمَّة (كلُّ ذكرٍ مقيدٍ بزمانٍ أو مكانٍ أو كيفيةٍ أو عددٍ لم يرد به الشرع فهو بدعة) لأن النّصوص العامّة والمطلقة لا يجوزُ تخصيصها ولا تقييده.

*       أنواع الذكر وأهميةُ الأذكار النبوية ومواضيعُها:

قال ابنُ القيّم رحمه الله في مدارج السالكين في آخر منزلة الذكر (40): وأنواع الذكر ثلاثة: ثناءٌ ودعاءٌ ورعايةٌ.

·   فإما ذكرُ الثناءِ: فنحو "سبحان الله والحمدُ لله، ولا إله إلاّ الله، والله أكبر"
·   وأما ذكرُ الدعاءِ: فنحو "ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحَمْنا لنكوننّ من الخاسرين" الأعراف 23 ، ونحو "ياحيُّ يا قيومُ برحمتك استغيثُ" ونحو ذلك.
·   وأما ذكرُ الرعايةِ: فمثلُ قول الذاكر: اللهُ معي، اللهُ ناظرٌ إليَّ ، اللهُ شاهدي ونحو ذلك ممّا يُستعمل لتقوية الحضور مع الله ، وفيه رعايةٌ لمصلحة القلب، ولحفظ الأدب مع الله والتحرُّز من الغفلات، وفيها تعليمُ القلب مناجاةَ الربِّ بأنواع المناجاةِ بالسرِّ والقلب... انتهى كلامُهُ.

*   وسيلة الأذكار الشرعية:
       روى أبو داود والترمذيُّ عن يُسيرة رضي الله عنها (أن النبيَّ صلي الله عليه وسلم أمرهُنّ أن يُراعيَيْنَ بالتكبير والتقديس والتهليل، وأن يعقدن بالأنامل، فإنهنّ مسؤولاتٌ مستنطقاتٌ) حديث حسن- أبو داود (1501) والترمذي (3653) وحسنه النوويّ في الأذكار.

وروى أبو داود والترمذيُّ والنسائيُّ عن عبد اله بن عمرو رضي الله عنهما: قال: (رأيتُ رسولَ الله صلي الله عليه وسلم يعقدُ التسبيح بيمينه) صحيح – راجع صحيح الأذكار للنوويّ (1/87)

وهناك حديث موضوع رواته مجهولون بل بعضُهم متّهم وهو (نِعْمَ المذِّكرُ السُّبيحةُ) وهو في سلسلة الأحاديث الضعيفة رقم (83). قال الشيخ الألباني " ثمّ أن الحديثَ من حيث معناه باطلٌ عندي لأمور:

الأول: أن السبحـة بدعـةٌ لم تكن في عهد النبـيّ صلي الله عليه وسلم ، إنما حدثت بعده وأن لفظة السبحـة مولّدة لا تعرفها العرب، وقد روى ابنُ وضّاح القرطبيّ في البدع والنهي عنها ص 12 عن الصلت بن بهرام قال: مرّ ابنُ مسعودٍ بـامرأةٍ معها تسبيح تسبّح به، فقطعه وألقاهُ، ثم مرَّ برجلٍ يسبحُ بحصى، فضربَهُ برجله، ثم قال: لقد سبقتُم، ركبتُم بدعةٍ ظلماً !! ولقد غلبتُم أصحاب محمدٍ علماً.

الثاني: أنه مخالفٌ لهديه صلي الله عليه وسلم أنه كان يعقد التسبيح بيمينه.

ثم هو مخالفٌ لأمره صلي الله عليه وسلم لبعض النسوة (واعقدن بالأنامل فإنهنّ مسئولات ومستنطقات) ثم ذكر أن إبراهيم النخعي كان ينهى ابنته أن تعين النساء على فتل خيوط التسبيح التي يُسبَّح بها – رواه ابنُ أبي شيبة بسند جيّد. ثم قال (ولو لم يكن في السبحةِ إلاّ سيئةٌ واحدة وهي أنها قضت على سنّة العد بالأصابع أو كادت مع اتفاقهم على أنها أفضل ، لكفى. ثم ذكر بعض مفاسد هذه البدعة ثم قال: قال الشاعرُ: وكلُّ خيرٍ في اتّباع من سلف ... وكلُّ شرٍ في ابتداع من خلف) راجع الضعيفة رقم الحديث 83.

الأذكارُ التي لا ينبغي للعبدِ أن يخلّ بها:- وهي قسمان:

أ‌- أذكـارٌ عامـةٌ غيرُ مقيَّـدةٍ بوقت.
ب- أذكـارٌ خاصـةٌ مقيَّـدةٌ بوقت.

أ‌- الأذكارُ العامّةُ الغيرُ مقيّدةٍ بوقت (ولا يجوزُ تقييدها إلاّ بدليل ) : ومنها:-
1.     سبحان الله وبحمده وسبحان الله العظيم:
     روى البخاريُّ ومسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم (كلمتانِ خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزانِ، حبيبتان للرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم) فتح 13/537 - 9/199 ، مسلم رقم 2694.
2.     سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر:
     وروى مسلمٌ عن سمُرة بنُ جندبٍ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم (أحبُّ الكلام إلى الله أربعٌ: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلاّ الله، واللهُ أكبر، ولا يضُرُّ بأيِّهنّ بدأت) مسلم (2137)

3.     سبحان الله وبحمده:
          في الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: (من قال سبحان الله وبحمده في اليوم مئة مرَّة، حُطَّتْ خطاياهُ وأن كانت مثلَ زبد البحر) فتح 6/338 – مسلم (2693)، وروى مسلم (2731) عن أبي ذر قال: قال رسول الله (إنّ أحبّ الكلام إلى الله، سبحان الله وبحمده)

4.     لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، له الملكُ وله الحمدُ وهو على كلِّ شيٍء قدير:
في الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلي الله عليه وسلم (من قال لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كلِّ شيءٍ قدير في اليوم مئة مرةٍ كانت له عدلَ عشر رقاب، وكُتبت له مئةُ حسنة، ومحيت عنه مئةُ سيئةٍ، وكانت له حرزاً من الشيطان يومهُ ذلك حتى يُمسي، ولم يأتِ أحدٌ بأفضل ممّا جاء به إلاّ رجلٌ عمل أكثر منه) فتح 6/338 ، 11/201 – مسلم رقم (2693)

5.     لا حول ولا قوة إلا بالله:
 في الصحيحين عن أبي موسـى الأشعـري قال: قال لي النبيُّ صلي الله عليه وسلم (ألا أدلُّكَ على كنزٍ من كنوزِ الجنّةَ؟ فقلتُ: بلى يا رسول الله، قال: قل: لا حول ولا قوة إلا بالله) فتح 8/108 –  مسلم (2704)

6.     الاستغفـار:
الآيات كثيرة منها قوله تعالى (واستغفر لذنبك وسبِّحْ بحمد ربك بالعشيِّ والإبكار) غافر 55، وفي صحيح مسلم قال رسول الله (إنّه ليُغانُ على قلبي، وإني لأستغفر الله في اليوم مئة مرَّة) رقم (2702)

7.     الصلاة على النبيّ صلّى الله عليه وسلم:
     وفي ذلك آياتٌ وأحاديث كثيرةٌ تدل على وجوبها.

8.     قراءة القرآن ، والسلام ، والدعاء، وجميع العبادات  غير المقيّدة بوقت هي أذكارٌ كذلك.



ب- أذكـارٌ خاصـةٌ مقيّـدةٌ بوقـت:-

منها أذكار طرفي النهار (الصباح والمساء)، وهذه تنبيهاتٌ أربعةٌ بين يدي الموضوع:-

قال الشيخ بكر أبو زيد في كتيِّب (أذكار طرفي النهار) ص 16:

التنبيه الأول: هذه الأذكار في الصباح والمساء جميعاً بألفاظها إلاّ في ثمانية ألفاظ تحتها خطٌّ يكون موضعُ (أصبح : أمسى) وموضع (التذكير : التأنيث) وهكذا.

التنبيه الثاني: بيَّن اللهُ سبحانه وتعالى في القرآن، طرف النهار محلَّ أذكار الصباح والمساء في آيات منها: (وسبح بحمد ربّك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب) فمحلُّ ورد الصباح في الإبكار هو الغدو بعد صلاة الصبح وقبل طلوع الشمس، ومحلُّ ورد المساء في العشيِّ هو الآصال بعد صلاة العصر قبل الغروب، والأمرُ فيهما واسعٌ كمن عرض له شُغلٌ.

التنبيه الثالث: هذه الأذكارُ بالنسبة للعدد على ستّـة أنـواع هي: منها ما يقال مرّة واحدة، ومنها ما يقال مرةّ أو مرّتين أو ثلاث مرّات أو أربع مرّات، ومنها ما يقال ثلاث مرّات، ومنها سبع مرّات، ومنها عشر مرّات، ومنها مئة مرّة، ثم قال (ويتعيّـنُ الاقتصارُ على هذه الأعداد وإلاّ لما كان لتخصيصها وجهة)

التنبيهُ الرابع: رتّبَ رسول الله صلي الله عليه وسلم على عددٍ من هذه الأذكار مكاسب عظيمة من الفضل والوعد بالجنّة وغيرها وعليه أنّ صفة الكمال توظيفُ المسلم لجميع هذه الأذكار على نفسه طرفي النهار، وتحصل وظيفةُ الورد ببعضها، فإذا ضاق وقتُ المسلم فليغتنمْ منها ما تيسَّر له، وأمّا الإهمالُ لجمعيها فهو تفريطٌ ، والله أعلم.

قال ابنُ القيّم في الوابل الصيّب (فصلٌ في الأذكار الموظَّفة التي لا ينبغي للعبد أن يخلَّ بها لشدّة الحاجة إليها وعظيم الانتفاع في الآجل والعاجل بها، وفيه فصول. ثم قال: الفصل الأول في ذكر طرفي النهـار:- وهما بين الصبح وطلـوع الشمس وما بين العصر والغروب، قال تعالى (يا أيها الذين آمنـوا اذكـروا الله ذكراً كثيـراً وسبِّحـوهُ بكـرةً وأصيلاً) الأحزاب 41-42 ، وقال تعالى (وسبِّح بحمد ربِّك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب) ق 39 ، وهذا تفسيرُ ما جاء في الأحاديث: من قال كذا وكذا حين يصبح وحين يُمسي) انتهى كلامه رحمه الله.

وهناك أذكار في مناسبات كثيرة منها: عند النوم والاستيقاظ، والأكل والشرب، وأذكار دخول المنزل والخروج منه، وأذكار دخول المسجد والخروج منه، وأذكار الآذان، والأذكار أثناء الصلاة وبعد الصلاة، والأذكار أثناء الكرب والحزن والهم، وأذكار تطرد الشيطان، وأذكار عند المصيبة والبلاء والفتن، وأذكار عند الأمراض، وأذكار عند زيارة المقابر والمرضى، وأذكار للصائم، وأذكار للمسافر ، وغيرها.

وقد صنّف العلماءُ في الأذكار وأهـم المراجـع في ذلك:

-   كتاب (الأذكـار) للنووي.
- وكتاب (الوابل الصيِّب من العمل الطيِّب) لابن القيِّم.
-وكتاب (تحفة الذاكرين) للإمام الشوكاني.

*      تنبيهات مهمّة على بعض الأذكار:

1.     في دعاء ركوب الدابة في السفر يقال دعاء الركوب، لما رواه مسلمٌ عن ابن عمر أن رسول الله كانَ إذا استوى على بعيره خارجاً إلى سفر، كبَّر ثلاثاُ ثم قال: (سبحان الذي سخّر لنا هذا .....، اللهم إنّا نسألك في سفرنا هذا البّر والتقوى ومن العمل ما ترضى ..... وإذا رجع قالهنّ وزاد فيهن آيبون تائبون، عابدون، لربِّنا حامدون). رواه مسلم (نووي 9/110)

2.     كلُّ ذكرٍ ورد في مناسبة عن رسول الله فلا يزادُ عليه ولا ينقص ولا يُبدّل حرفٌ واحدٌ لما ورد في حديث البراء في الصحيحين عند النوم (اللهم أسلمتُ نفسي إليك ... آمنتُ بكتابك الذي أنزلت، وبنبيّك الذي أرسلت) فقال الصحابي (وبرسولك الذي أرسلت) فقال له رسول الله (وبنبيّك الذي أرسلت) راجع فتح الباري 11/109 ونووي 17/32.

3.     في دعاء دخول المسجد ورد في صحيح مسلم حديثُ أبي حميد قال: قال رسول الله: (إذا دخل أحدُكم إلى المسجد، فليسلِّم على النبّي، وليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج، فليقل: اللهم إني أسألك من فضلك) مسلم (نووي 5/224)

4.     إجابة المؤذن واجبة ثم الصلاة على رسول الله ثم الدعاء: وفي صحيح مسلم عن ابن عمرو أنه سمع رسول الله يقول (إذا سمعتُم المؤذِّن فقولوا مثلَ ما يقول، ثم صلّوا عليّ ... ثم سلوا لي الوسيلة) مسلم 4/85 نووي.



وآخــر دعــوانا أن الحمدُ للهِ رب العالميــن .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق