الثلاثاء، 27 سبتمبر 2016

خصائص النبي صلى الله عليه وسلم وأمّته


      الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ،و بعد :

         خصّ الله تبارك وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالخصائص العظيمة التي ليست لأحدٍ من خلقه، وخصّه بخصائص شاركه فيها الأنبياء، وخصّ أمته صلى الله عليه وسلم ببعض الخصائص عن الأمم السابقة . ولمّا كانت الخصائص النبوية والفضائل المحمدية من الموضوعات المحببة إلى النفوس فقد استهوى الشيطان بها أقواماً فغلوا ونسبوا إليه صلى الله عليه وسلم خصائص هي من جنس خصائص الربوبية والإلهية، وقصَّر بأخرين حتى جَفَوا وقدموا مشايخهم على سيد المرسلين وجعلوا لهم خصائص وفضائل فاقوا بها خصائصه صلى الله عليه وسلم.
* ولتعلّق هذه الخصائص بما يعتقده المسلم في شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولإبراز ما صحّ من خصائصه التي تزيد المؤمنين إيماناً ومحبةً وتعظيماً له، وتُعرّف بمقامه عند الله عز وجل، ولتصحيح الاعتقاد في الرسول صلى الله عليه وسلم وذبِّ الكذب عنه فيما نُسب إليه من خصائص مزعومة، ولإظهار الجفاة المقصرين فيه، ولنحمد الله عز وجل أن جعلنا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم خير الأمم ، استعنت بالله تعالى في بحث هذا الموضوع من خلال النقاط التالية :

أولاً : مدخل البحث ( تعريف الخصائص وأقسامها (
ثانياً : خصائص النبي صلى الله عليه وسلم دون جميع البشر .
ثالثاً : خصائص النبي صلى الله عليه وسلم دون أمته وقد يشاركه فيها بعض الأنبياء .
رابعاً : خصائص الأمة المحمدية على سائر الأمم .
خامساً : خصائص النبي صلى الله عليه وسلم بين الغلاة والجفاة .
سادساً : خاتمــة

أولاُ : مدخل البحث :

أ - تعريف الخصائص لغةً واصطلاحاً : أما لغةً : فخصوصية الشيء خاصيته أي صفته التي تميزه عن غيره وتفرده عنه . وأما اصطلاحاً : فالخصائص النبوية هي الفضائل والأمور التي انفرد بها النبي صلى الله عليه وسلم وامتاز بها إما عن اخوانه الأنبياء وإما عن سائر البشر .

ب- أقسام الخصائص النبوية : قسمان

1.  خصائص تشريعية اختص بها دون غيرة من الأنبياء أو دون أمته فقط .
2.  خصائص تفضيلية وهي الفضائل التي كرَّمه الله بها دون غيرة وقد يشاركه في بعضها الأنبياء .

ثانياً :- خصائص النبي صلى الله عليه وسلم دون جميع البشر :

1.  أنه أوتي مفاتيح خزائن الأرض ووضعت في يده (متفق عليه . خ  6998)
2.  أنه نُصر بالرعب مسيرة شهر.
3.  وجعلت له الأرض مسجداً طهوراً .
4.  وأحلت له الغنائم .
5.  وبعث للناس عامةً (والحديث متفق عليه فيما سبق خ 235، م 521) .
6.  أن الشيطان لا يتمثل في صورته .  والحديث متفق عليه خ . خ 6993،م 2266.
7.  ومنها كثرة أسمائه ، فقد صح أنه محمد وأحمد والماحي والحاشر والعاقب والخاتم والمقفىَّ ونبيّ التوبة و نبيّ المرحمة وغيرها والأحاديث في البخاري(4896) ومسلم( 2354) والترمذي(2841) وأحمد(4/84) وغيرهم.
8.  وجوب الصلاة عليه إذا ذكر، لأمر الله تعالى بالصلاة عليه ولأمره صلى الله عليه وسلَّم أمته بالصلاة عليه كما ثبت في الأحاديث الصحيحة ومنها قوله (البخيل من ذُكرت عنده ولم يُصلِ عليّ).
9.  ومنها أن ما بين بيته ومنبره روضةً من رياض الجنة كما ثبت عند مسلم (1891) ومالك (462) وغيرهم .
10.  ومنها الإسراء والمعراج : والأدلة في إثبات ذلك متواترة في الصحيحين وغيرهما .
11.  ومنها القرآن الكريم : المعجز الذي تعهَّد الله بحفظه .
12.  ومنها أن الله تعالى نهى الناس أن ينادوه بإسمه ، فقال تعالى (لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً) سورة النور (63) ، قال أبو نعيم الإصبهاني في دلائل النبوة صـ12 (فخصه الله تعالى بهذه الفضيلة من بين رسله وأنبيائه...)
13.  الشفاعة العظمى يو م القيامة : والأحاديث في إثباتها متواترة .
14.  أنه صلى الله عليه وسلم سيِّد ولد آدم يوم القيامة  والحديث متفق عليه .
15.  وأنه أول من تنشق الأرض عنه يوم القيامة كما روى مسلم (2278) وغيرة .
16.  وأنه أول من يدخل الجنة ، والأحاديث صحيحة عند مسلم وأحمد وغيرهما .
17.  أنه أول شافع ومشفع يوم القيامة كما روى مسلم وأبو داود وغيرهما .
18.  أنه  صلى الله عليه وسلم أول من يُكسى يوم القيامة كما روى مسلم وغيره .
19.  أنه أول من يجيز له على الصراط يوم القيامة كما في الصحيحين (خ 7437، م 182)
20.  أنه أُعطي الكوثر وهو نهر في الجنة كما ورد في الأحاديث الصحيحة وكذلك سورة الكوثر  .
21.  أنه صاحب الوسيلة يوم القيامة وهي منزلة في الجنة لاتنبغي إلا لعبدٍ من عباد الله . والحديث عند المسلم (384) وأبي داود (523) وغيرهما .

ثالثاً :-  خصائص النبي صلى الله عليه وسلم دون أمته وقد يشاركه فيها الأنبياء :-

1.  الحوض يوم القيامة كما في الصحيحين (خ/ 6575 . م/ 2297) .
2.  أنه أعطي مفاتيح أو جوامع الكلم وهي الكلمات القليلة ذات المعاني الكثيرة .
3.  ومنها قوله (لانورث ، ما تركناه صدقة) والحديث متواتر في البخاري (3092) ومسلم (1759)
4.  ومنها قوله صلى الله عليه وسلم "إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء" رواه أبو داود والترمذي وأحمد و غيرهم وهو في السلسلة الصحيحة (1527)
5.  ومنها قوله "مامن نبي يمرض إلا خُير بين الدنيا والآخرة" متفق عليه (خ/4435)
6.  ومنها أن من سبه يُقتل ردَّةً، قال علي رضي الله عنه (أن يهودية كانت تشتم النبي وتقع فيه، فخنقها رجل حتى ماتت فأبطل رسول الله دمها) رواه أبو داود (4362) وغيره، قال ابن تيمية (والحكم في سب سائر الأنبياء كالحكم في سب نبيا مسمىّ باسمه في القرآن فهذا كفر) الصارم المسلول ص565
7.  ومنها قوله صلى الله عليه وسلم "ما قبض نبي إلا دفن حيث يقبض" رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني رحمه الله في مختصر الشمائل (326) وأحكام الجنائز ص137.
8.  ومنها : عصمته صلى الله عليه وسلم من الكبائر هو والأنبياء عليهم الصلاة والسلام . قال ابن حجر في الفتح (8/69) (والأنبياء معصومون من الكبائر بالإجماع)  
9.  ومنها: جواز الوصال في الصيام في حقه حيث قال "لا تواصلوا، قالوا: إنك تواصل؟ قال: لست كأحد منكم ، إني أُطعم وأُسقى"  رواه البخاري (1961) وغيره .
10.  ومنها إسلام قرينه من الجن، حيث قال: ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن، قالوا : وإياك يا رسول الله ؟ قال :وإياي، إلا أن الله أعاني عليه فأسلم ، فلا يأمرني إلا بخير" رواه مسلم (814) وغيره .
11.  ومنها : صحة نكاحه بدون صداق أو ولي ولا شاهدين : قال تعالى (وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين) وزواجه من صفية بنت حيي بدون ولي ولا شاهدين كما في الصحيحين .
12.  ومنها : قوله "يا عائشة إن عيني تنامان ولا ينام قلبي" متفق عليه (خ/7517)
13.  ومنها جواز التبرك بآثاره صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد مماته لما ثبت في كثير من الأحاديث والآثار ، أما غيره فلم ينقل عن السلف أنهم تبركوا بآثار أبي بكر أو عمر أو غيرهما .

رابعا : خصائص الأمة المحمدية على غيرها من الأمم :
1.     أنها خير أمة أخرجت للناس في خير القرون .
2.     أنها لا تجتمع على ضلالة ولذلك فإن اجماعها حجة شرعية .
3.     أنها أول الأمم دخولا الجنة لحديث "نحن الآخرون السابقون يوم القيامة" متفق عليه .
4.     ومنها أن الله تجاوز عنها الخطأ والنسيان وما استكروا عليه – رواه ابن ماجه وغيره .
5.     ومنها أن الله تجاوز عنها وما وسوست به صدورها مالم تعمل أو تكلم متفق عليه (خ/2529)
6.     ومنها أن الله جعل لها الطاعون شهادة ، رواه البخاري – (3474) وغيره وفي الصحيحة (1928) .
7.     ومنها أنها ترد يوم القيامة غرا محجلين من أثر الوضوء متفق عليه (خ/136،م/247).
8.     ومنها قوله صلى الله عليه وسلم "فُضلنا على الناس بثلاث : جعل صفوفنا كصفوف الملائكة وجعلت لنا الأرض مسجدا وتربتها طهوراً  واعطيت آخر سورة البقرة" رواه مسلم (522) وغيره .
9.     ومنها أنه يدخل منها سبعون ألفا بغير حساب ولا عذاب كما في الصحيحين .
10.  ومنها أنها نصف أهل الجنة متفق عليه (خ/6528)
11.  ومنها قوله "أحلت لنا ميتتان ودمان..." رواه أحمد وابن ماجة وهو في السلسلة الصحيحة (1118)

 صلي الله عليه وسلم هذه بعض خصائص النبي صلى الله عليه وسلم وخصائص أمته ، وهناك خصائص أخرى صحيحة لم تذكر وكذلك خصائص ذكرت في الأحاديث الضعيفة والموضوعة منها :- قصة إيمان أبوي النبي صلى الله عليه وسلم  فإنها لم تصح وذكرها في الموضوعات ابن الجوزي وابن يتمية وغيرهما وكذلك كتابة اسمه على العرش وحديث ابتلاع الأرض ما يخرج منه ، وحديث اجتماعه بالخضر وعيسى ، وحديث (علمي بعد موتي كعلمي في الحياة) فهذه وغيرها مما يقرأ في الموالد ومواسم أهل البدع فيها غلو فيه صلى الله عليه وسلم .

خامساً :- خصائص النبي صلى الله عليه وسلم بين الغلاة والجفاة :

الغلو هو تجاوز الحد فيما يجب أن يعتقده المسلم في حق الرسول صلى الله عليه وسلم والغلو تختلف درجته من شخصٍ لآخر يدور بين الشرك والبدعة كما سيأتي .
أما الجفاء فهو ردَّ ما ثبت للنبي صلى الله عليه وسلم من الخصائص والفضائل كا سيأتي، ومن الجفاء ما جعله الأتباع لمشايخهم وأئمتهم من الفضائل والمناقب مافاق في فضله الأنبياء والمرسلين ، ومن الجفاء ترك التأسي برسول الله في هديه والتمسك بغيره ، والجفاء درجات ، فمنه ما يكون كفراً ومنه ما هو دون ذلك كما سيأتي .
×أ- خصائص النبي صلى الله عليه وسلم عند الغلاة: فمما ذكره غلاة الناس من خصائص ما يلي :
1.   أنه أول النبيين في الخلق وأنه مرسل إلى جميع الأنبياء وأممهم : ويستندون إلى حديث لا يصح وهو (كنت أول الأنبياء في الخلق) واستغربه الذهبي في ميزان الإعتدال (2/129) وضعفه الألباني في الضعيفة (2/115) . وكذلك استندوا إلى الحديث (كُتبت نبياً وآدم عليه السلام بين الروح والجسد) وحديث (إني عبد الله وآدم لمنجدل في طينتيه) والحديثان في مسند أحمد ويدلان على الكتابة أي أنه كتب نبياً في اللوح المحفوظ قبل الناس ، وراجع كلام ابن يتمية في الرد على البكري صـ9 وليس فيها أنه خُلق قبلهم .

2.   أنه مخلوق من نور الله وأن الوجود كله مخلوق من نوره صلى الله عليه وسلم :  واستندوا إلى حديث منسوب إلى جابر رضي الله عنه  (يا جابر إن الله خلق قبل الأشياء نور نبيك من نوره) قال أهل العلم : هذا الحديث لا سند له وغير موجود في كتب السنة وهو من غرائب ابن عربي والبكري وغيرهما من غلاة الصوفية ، وتترتب على هذا الحديث الموضوع كثير من المفاسد العقدية منها رد القرآن الذي يبين أن الرسول بشر لاقدرة له إلا قدرة البشر ، وكذلك تكذيب رسول الله القائل "أنا سيد ولد آدم"  فهو من ولد آدم فكيف خُلق قبله ومن نور ، ويترتب على اعتقاد أنه مخلوق من نور الله تعالى القول بوحدة الوجود والإتحاد بالله تعالى ، ورد على هذه المعتقدات ابن تيمية في الفتاوي (11/94)

3.  أنه توسل به الأنبياء قبل وجوده : ويستندون إلى حديث موضوع (لما اقترف آدم الخطيئة قال : يارب أسألك بحق محمد لما غفرت لي) قال ابن يتمية في الرد على البكري (ليس له أصل) وحكم عليه الذهبي بالوضع والبطلان كمافي ميزان الاعتدال (2/504) وقال الألباني (موضوع) في السلسلة الضعيفة (1/38)

وهذا الحديث مخالف للقرآن، قال تعالى (فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه) (البقرة 37) بالإضافة لما ترتب عليه من مفاساد عقدية من ظهور البدع بالتوسل بالأموات الذي أدى إلى الإستغاثة بهم في قضاء الحاجات وكشف الضر والكربات وغيرها من الخرافات .

4.  ومن خصائصه عند الغلاة : أن من زار قبره وجبت له شفاعته : ويستندون على أحاديث موضوعة وضعيفة منها (من زار قبري وجبت له شفاعتي)  رواه الدار قطني والبيهقي وقال منكر كما في شعب الإيمان (3/490) وضعفه النووي في المجموع (8/272) وقال ابن عبد الهادي (حديث منكر عند أئمة هذا الشأن ، ضعيف الأسناد عندهم لا يقوم بمثله حجةً ولا يعتمد على مثله في الإحتجاج) الصارم المنكي صـ30 ، وأنكره ابن حجر وابن خزيمة .

* ومن كلام أهل العلم يتبين لنا أن هناك فرقاً بين زيارة القبور مطلقاً وبين السفر إليها بشد الرحال ، فالأول مستحب دلت عليه السنة ففي صحيح مسلم (زوروا القبور فإنها تذكر الموت) أما الثاني فمنهي عنه للنهي عن شد الرحال لغير المساجد الثلاثة وهذا ما فهمه الصحابة رضي الله عنهم .

5.     ومن خصائصه عند الغلاة : محو الذنوب وعلم الغيب : وهذا من الكذب على رسول الله لأن هذه من جنس خصائص رب العزة والجلال ومخالف لصريح الكتاب والسنة، قال تعالى (غافر الذنب وقابل التوب) وقال تعالى (إن الله يغفر الذنوب جميعاً) وقال تعالى لنبيه (واستغفر لذنبك) سورة غافر 55

وقال تعالى  (ومن يغفر الذنوب إلى الله) قال ابن كثير (أي لا يغفرها أحد سواه) آل عمران 135. قال عبد الله الصديق الغماري عن قصيدة البردة بذيل كتاب البوصيري صـ77 (فما يوجد في كتب المولد النبوي وقصة المعراج مبالغات وغلو لا أساس له من الواقع يجب أن تحرق) .

وقال قائلهم :     فإن من جودك الدنيا وضرتها         ومن علومك علم اللوح والقلم

وقد تواتر النصوص على أن علم اللوح والقلم من خصائص رب السماوات والأرض، قال تعالى (ولله غيب السموات والأرض) وقال تعالى (قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله . ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء) آل عمران 188. فليس من خصائص النبي محو الذنوب لأنه عليه الصلاة والسلام قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وليس من خصائصه علم الغيب وإلا ما انتظر نزول الوحي ليجيب عن أسئلة كثيرةٍ .

6.  ومن خصائصه عند الغلاة : أنه إليه الملاذ في الشدائد والكرب وأنه يجيب الدعاء : وهذا من غلوهم في قصائدهم في كتب الموالد وغيرها ، وهذا مصادم للكتاب والسنة ، قال تعالى (قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب ثم أنتم تشركون)  الأنعام 64 وقال تعالى (وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو) يونس 107  وقد أمر الله نبيه أن يقول  (قل إني لا أملك لكم ضراً ولا رشداً) الجن 21 وقال تعالى (ادعوا ربكم تضرعاً وخفيةً إنه لا يحب المعتدين) الأعراف 55

7.  ومن خصائصه عند الغلاة : أنهم يرونه بعد موته في الحياة يقظةً ومناماً :  ويستندون إلى الحديث "من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ولا يتمثل الشيطان بي"  وهو حديث صحيح رواه البخاري (6993) وله طرقٌ عديدة وألفاظ ، وذكر ابن حجر في الفتح فهم العلماء له ومنها أنه يراه يوم القيامة بمزيد خصوصيةٍ لا مطلق من يراه وهو قول الجمهور وهو الراجح لأن القول بأنه يراه الناس بعد موته في الدنيا يستلزم أن يحيا الآن ويخرج من قبره ويمشي في الأسواق ويخاطب الناس ويخاطبوه وأن يخلو  قبره من جسده ، وهذه جهالات لا يصدقها عاقل وهي مخالفه لنصوص الكتاب والسنة .

ب- خصائص النبي صلى الله عليه وسلم عند الجفاة :

      والمقصود بالجفاء هنا (رد ما ثبت للنبي صلى الله عليه وسلم ون الخصائص والفضائل)  وهذه بعض الخصائص عند الجفاة :

1.  رد عقيدة ختم النبوة بنبينا صلى الله عليه وسلم :  وأهل الجفاء هنا هم بعض المسلمين الذين تأثروا بالفلسفات الأعجمية كأبي نصر الفرابي وابن سينا وكذلك ابن عربي الذي قال بحالة أنبياء الأولياء في هذه الأمة ، إلى أن ظهرت القاديانية في أوائل القرن الرابع عشر الهجري في الهند ودعمها الاستعمار والغرب حتى اليوم ورد عقيدة ختم النبوة فيها تكذيب للقرآن والسنة والاجماع ، قال تعالى (ما كان محمد أبا أحدٍ من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين) الأحزاب 40

2.  ومن الجفاء : مشاركة الأولياء للأنبياء في خصائصهم : وهذا من الغلو في الأولياء عند أتباعهم فقالوا بدعوى الوحي إلى أوليائهم بغفران ذنوبهم وهم أحياء ، وزعمهم نزول موائد من السماء على أوليائهم وأنهم يعلمون منطق الطير وسائر لغات الوحوش وأن أوليائهم يحيون الموتى وهكذا .

3.  ومن الجفاء : اعطاء خصائص لأوليائهم فاقت خصائص النبي  صلى الله عليه وسلم : ومن ذلك صلاة الفاتح لما أغلق وأنها تفضل القرآن الكريم آلاف المرات عند التجانية وأن أوليائهم يصلون في مكة المكرمة وهم في بلدانهم وأن الكعبة تطوف بهم وتعانقهم وأن الشياطين تحملهم فيمشون على الماء ويطيرون في الهواء وأنهم ضمنوا لأتباعهم الجنة وغفران الذنوب بل كذبهم منازعة ملك الموت ورد أرواح مريديهم منه ، ودعواهم أن أوليائهم يعلمون ما في القلوب ويتصرفون في الكون في حياتهم وبعد مماتهم وغيرها كثير .

4.  ومن الجفاء : جعل خصائص للأولياء تخالف هدي النبي صلى الله عليه وسلم: ومن ذلك دعواهم أن بعض أوليائهم يمكث أربعين يوماً لا يأكل ولا يشرب ولا ينام ومنها أن بعضهم يمكث خمسة أشهر لا يضع جنبه على الأرض من طول قيام الليل وهكذا .

سادساً :- الخاتمــة :   بعد أن علمنا أهمية العلم بخصائص النبي صلى الله عليه وسلم  مع سرد بعض هذه الخصائص له ولأمته مع ذكر خصائص النبي بين الغلاة والجفاة ، يتبين لنا ضرورة التمييز بين ما صح وما لم يصح من هذه الخصائص كذلك خطورة الغلو والجفاء فيها مما أدى إلى انحرافات عقدية خطيرة تؤدي إلى هدم الشريعة عموماً ، ولذلك فالواجب هو اتباع الكتاب والسنة على فهم السلف الصالح فيما يدين به المسلم ربه عموماً وفيما يتعلق بشخص الرسول صلى الله عليه وسلم خصوصاً .



وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين