الجمعة، 5 أغسطس 2016

حكمُ الإنكار في مسائل الخلاف


    الحمد لله رب العالمين والصلاةُ والسلامُ علي خاتم النبيين  ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهدُ أن محمداً عبده ورسوله  وبعد،،

* مقدّمةٌ :

        إنّ الأمرَ بالمعروف والنهيَ عن المنكر مُجْمَعٌ على وجوبِهما ، لا يُعلَمُ في ذلك خلافٌ ، ورغم ذلك ، اختلفت آراءُ العلماءِ في بعض موضوعاتها ومن هذه الموضوعات :

) حكمُ الإنكار في مسائلَ الخلاف) ، ويترتبُ على الاختلافِ فيه آثارٌ كبيرةٌ وخطيرةٌ وبعضُهُم يقول (نتعاون فيما اتفقنا عليه ، ويعذر بعضُنا بعضاً فيما اختلفنا فيه). ولأهميةِ وخطورة هذا الموضوع سنتكلّم فيه:-

قال الإمام الشوكاني (هذه المقالة قد صارت أعظمَ ذريعةٍ إلى سدَّ باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ... وقد وجب الأمرُ بما هو معروفٌ من معروفاتِ الشرع ، والنهيُ عمَّا هو منكرٌ من منكراتهِ ، ومعيارُ ذلك الكتابُ والسنَّةُ ... وإن قال القائلُ من أهل العلم بما يخالفُ ذلك ، فقولُه منكرٌ يجبُ إنكارُه عليه أولاً ، ثم على العاملِ به ثانياً...) السيل الجرّارُ (4/588)

 * يُوجد مذهبان في المسألة :

1-      يرى بعضُ العلماءِ أنه لا إنكارَ في مسائل الخلافِ وأن العبرةَ في ذلك بمذاهب الناس فكلُّ من تمذهب بمذهبٍ لا ينكرُ عليه في مسائل الخلاف . وصرّح بعضُ العلماءِ أن العبرةَ في الإنكارِ بالنصِّ لا بمذاهب الناس ، فكلُّ من خالف النصُّ ينكرعليه سواءً وُجد خلافٌ بين العلماء أم لا يوجد . وقبل استعراض القولين ومَنْ قال بهما والترجيح بينهما لا بد من تعريف العنوان ، ما المقصود بحكم الإنكار في مسائل الخلاف ؟

* المقصود بحكــم : أي الأحكام الشرعية الخمسة وهي الواجبُ والمستحبُّ والمباح والمكروهُ والحرام

*المقصودُ بالإنكار: أي الاحتساب وهو الأمرُ بالمعروف إذا ظهر تركُه ، والنهيُ عن المنكر إذا ظهر فعلُه ، وقد يكون الإنكارُ بالتعريف أو بالوعظِ أو بالزجر أو التوبيح أو الهجر وهكذا. ولابد من مراعاةِ مراتب الإنكار الثلاثة وهي الإنكارُ باليد ثم اللسان ثم بالقلب .

* أما المقصوُد بمسائلَ الخلاف : فهي المسائل التي اختلف فيها علماءُ الأمّةِ وهي على نوعين :

أ) مسائلُ الخلافِ غيرُ الاجتهادية وهي التي وُجدَ فيها نصٌ صريح أو نصوصٌ تدلّ على صحةِ أحدِ الآراء فيها

ب) مسائلُ الخلافِ الاجتهاديةُ وهي المسائلُ التي لا يوجدُ فيها نصٌ صريحٌ يدلّ على صحَّةِ أحد الآراء فيها .

ولكلٍّ من هذين النوعين حكمٌ للإنكارِ فيه سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى .

 * المذهبُ الأول: لا إنكار في مسائلَ الخلاف وأن العبرةَ في الإنكارِ بمذاهبَ الناس :

فكلُّ من تّمذهب بمذهب من المذاهب لا ينكرُ عليه في مسائلَ الخلاف .

* قال الغزاليُّ رحمه الله في إحياء علوم الدين (2/325)
(الشرطُ الرابع أن يكون كونُه منكراً معلوماً بغير اجتهاد ، فكلُّ ما هو محل الاجتهاد فلا حُسبةَ ، فليس للحنفي أن ينكرَ على الشافعي أكلَه الضبّ والضبع و متروكِ التسمية ، ولا للشافعي أن ينكر على الحنفيِ شربَه النبيذِ الذي ليس بمسكر ... نعم ، لو رأى الشافعيُّ شافعياً يشربُ النبيذُ ، وينكحُ بلا وليِّ ويطأ زوجتَه فالأظهرُ أنّ له الحسبةَ والإنكارَ ... فعلى كلَّ مقلِّدٍ اتباعُ مقلدِه في كلِّ تفصيل فإذا خالفَه فهو عاصٍ بالمخالفةِ ... إلاّ انَّه يلزم من هذا ... أنه يجوزُ للحنفي أن يعترض على الشافعي إذا نكح بغير وليٍّ ... وكذلك الشافعيُّ يحتسبُ على الحنفيِّ إذا شاركه في أكل الضبِّ ومتروكِ التسميةِ ... لأنه خلافُ معتقدِه ..)

* وأجاب العلماءُ على كلام الغزالي بإجاباتٍ منها :

قالوا له : أن جميع ما ذكرتَ من أمثلةٍ ليست من المسائل الاجتهاديةِ وإنما دلّت نصوصٌ ثابتةٌ على صحَّةِ أحد الآراءِ فيها ، فأكلُ الضبِّ وردت نصوصٌ صريحةٌ تدل على أنه ليس بحرامٍ وأنه أكل على مائدةِ رسول الله صلي الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري (5536) فلا ينكرُ على أكلِه ، وكذلك وردت نصوص صريحةٌ تدلّ على أنه لا نكاح إلاّ بوليٍّ وأنّ أيُّما امرأةٍ نُكحتْ بغير إذن وليِّها فنكاحها باطلٌ كما في مسند أحمد وسنن أبي داود والترمذي وغيرهم .
وقالوا له أيضاً : هل يجوزُ الإنكارُ على المعتزلةِ والفلاسفةِ والأشاعرةِ فيما يعتقدونه صحيحاً ؟ وهم يرونها صحيحةً على حسبِ مذاهبهم ؟
وقالوا له أيضاً : ما الدليلُ على وجوبِ إتباع المقلِّدِ في كل تفاصيل ؟ وأنه يصيرُ عاصياً بمخالفتهِ ؟ فالذي أُمرنا باتباعه في كلِّ شيءٍ كتابُ الله وسنّةُ رسوله  صلي الله عليه وسلم وإجماعُ المسلمين فقط .

قال تعالى (اتّبعوا ما أُنزلَ إليكم من ربِّكم و لا تتبعوا من دُونِه أولياءَ ...) الأعراف ( 3)

وقال تعالى (وما أتاكمُ الرسولُ فخذوهُ وما نهاكم عنه فانتهُوا ...) الحشر (7) . والذي أُمِرْنَا بالإستسلامِ والانقيادِ له هو ما حكمَ به نبيُّنا صلي الله عليه وسلم.

وقالوا له أيضاً : ألم يأمر الأئمةُ بتركِ آرائِهِم إذا تعارضت مع النصوص ؟

ألم يقل الإمام أبو حنيفةُ (هذا رأيي وهو أحسنُ ما قدرنا عليه ، فمن جاء بأحسنَ منه فهو أولى بالصواب)

 الفتاوى لابن تيمية (20/211) ألم يقل الإمام الشافعيُّ (أجمع الناسُ على أنَّ من استبانت له سنّةٌ عن رسول الله صلي الله عليه وسلم لم يكن له أن يدعَها لقولِ أحد من الناس...)  أعلام الموقعين لابن تيمية (2/263)

ألم يقل الأمام أحمد بن حنبل (لا تقلّدني ولا تقلِّد مالكاً ولا الأوزاعيَّ ولا النخعيِّ ولا غيرهم ، وخذِ الأحكامَ من حيث أخذوا من الكتابِ والسنّةِ ...) الفتاوى لابن تيمية (20/211-212)

ألم يقل الحافظُ ابنُ كثير في تفسير قوله تعالى (فإن تنازعتُم في شيءً فردُّوهُ إلى الله والرسول...) قال (قال هذا أمرٌ من الله تعالى بأنّ كلَّ شيءً تنازع الناسُ فيه من أصول الدين وفروعهِ أن يُرَدَّ التنازعُ في ذلك إلى الكتاب والسنّةِ ... فما حكمَ به الكتاب والسنّةُ وشهدا له بالصحَّةِ فهو الحقُّ ، وماذا بعد الحقِّ إلا الضلال ...) التفسير (1/568) النساء (59)

*المذهبُ الثاني :

 و هو الحقُّ بإذن الله تعالى : أنه يجبُ الإنكارُ في المسائل الخلافيةِ غيرِ الاجتهاديةِ التى وُجد فيها نصٌ يدلّ على صحَّةِ أحدِ الآراء ، ولا يجبُ الإنكارُ في المسائلَ التى لا يوجدُ فيها نصٌ صريحٌ يدلّ على صحَّةِ أحدِ الآراء فيها . فالعبرةُ في الإنكار بالنصِّ لا بمذاهبَ الناسِ ، فكلُّ من خالفَ النصَّ ينكرُ عليه ويردُّ قولُه ، وهذه  أقوال العلماءِ :

يقول الإمامُ النوويُّ رحمه الله (ولا يُنكرُ محتسبٌ ولا غيرُه على غيرِه وكذلك ليس للمفتي ولا للقاضي أن يعترضَ على من خالفه إذا لم يخالفْ نصاً أو إجماعاً أو قياساً جلياً ، والله أعلم)  شرح مسلم (2/24)  فُيفهم من كلامه أن للمحتسب والمفتي وغيرِهما حقَّ الإنكارِ والاعتراضِ على من خاَلفَ نصاً أو إجماعاً .

ويقولُ الإمامُ ابنُ القيِّم رحمه الله (وقولُهُم إنّ مسائلَ الخلافِ لا إنكار فيها ليس بصحيح ... فإذا كانَ القولُ  يخالفُ سنَّةً أو إجماعاً شائعاً وجب إنكارُه اتفاقاً ، ... وأمَّا العملُ فإذا كانَ على خلافِ سُنّةٍ أو إجماعٍ وجبَ إنكارُه بحسب درجات الإنكار ، وأمَّا إذا لم يكن في المسألةِ سنّةٌ ولا إجماعٌ وللاجتهادِ فيها مساغٌ ، لم تنكر على من عمل بها مجتهداً أو مقلّداً ...) أعلام الموقعين 3/300

ثم قال (والمسائلُ التي اختلَفَ فيها السلفُ والخلفُ وقد تيقنا صحَّةَ أحدِ القولين فيها كثيرٌ مثل كونِ الحاملِ تعتدُّ بوضع الحمل ، وأن إصابةَ الزوجِ الثاني شرطٌ في حلِّها للأول ، وأن الغسلَ يجبُ بمجردِ الإيلاج وإن لم يُنزل ، وأنَّ المتعةَ حرامٌ وأن النبيذَ المسكرّ حرامٌ وأن المسلم لا يقتلُ بكافرٍ ... وأن رفعَ اليدين عند الركوع والرفع منه سنّةٌ...) المرجع السابق

ومثلُ قوله يقولُ شِيخُ الإسلام ابنُ تيمية في الفتاوى الكبرى ( 6/96-97)

ويقول الإمام الشوكانيُّ رحمه الله (هذه المقالةُ قد صارت أعظمَ ذريعةٍ إلى سدِّ باب الأمرِ بالمعروف والنهي عن المنكر .. وقد وجب الأمرُ بما هو معروفٌ من معروفاتِ الشرع والنهيُ عما هو منكر من منكراته ومعيارُ ذلك الكتابُ والسنّةُ...) السيل الجرّار (4/588)

قال البخاريُ رحمه الله (وكانت الأئمةُ بعد النبيِّ يستشيرون الأمناء من أهل العلم في الأمور المباحةِ ، فإذا  وضح الكتابُ أو السنّةُ لم يتعدَّوهُ إلى غير  اقتداءً بالنبي...) صحيح البخاري مع فتح الباري(13/339)

شواهدُ إنكارِ السلف على مَنْ خالف النصَّ في اجتهاده :

1-      إنكارُ ابن عمر على أبيه الفاروق رضي الله عنهما نهيَه عن حجِّ التمتّع ، فحين سُأل عن التمتع بالعمرة إلى الحج قال ابنُ عمر : هي حلالٌ ، فقال الرجل : إنّ أباك قد نهى عنها فقال ابنُ عمر (أرأيتَ إن كان أبي نهى عنها وصنعها رسولُ الله (صلي الله عليه وسلم) ، أمرُ أبي يتُبّع أم أمرُ رسولِ الله) فقال الرجلُ : بل أمرُ رسول الله صلي الله عليه وسلم، فقال ابنُ عمر (لقد صنعها رسول الله صلي الله عليه وسلم...) صحيح سنن الترمذي (1/247)

2-      إنكارُ ابن عباس على عليٍّ رضي الله عنهم احراقَه للمرتدين :  ففي صحيح البخاري (6922) أن علياً أحرق بعض الزنادقةِ والمرتدين ، فبلغ ذلك ابنُ عباس فقال (لو كنتُ أنا لم أحرّقهم لنهي رسول الله صلي الله عليه وسلم، ولقتلتُهم لقول رسول الله (صلي الله عليه وسلم) (من بدّل دينَه فاقتلُوه) وعند الترمذي ( فبلغ ذلك علياً فقال : صدق ابنُ عباس ) صحيح سنن الترمذي (2/77)

3-      إنكارُ ابنُ عباس على معاوية رضي الله عنهم استلامَه الركنين الشاميين : ففي مسند أحمد وسنن الترمذي أن معاوية طاف بالبيت مع ابن عباس ، فجعل معاويةُ يستلم الأركانَ كلَّها ، فقال له ابنُ عباس : (لم تستلمُ هذين الركنيين ولم يكن رسولُ الله صلي الله عليه وسلم يستلمهما) فقال معاوية (ليس شيءٌ من هذا البيت مهجوراً) فقال ابن عباس (لقد كانَ لكم في رسول الله صلي الله عليه وسلم أسوةٌ حسنةٌ) فقال معاوية (صدقتَ)

قال الشيخ أحمد البنّا في الفتح الرباني (فرجع معاويةُ إلى قول ابن عباس حينما ظهر له الدليلُ وهكذا شأنُ المؤمنِ إذا ظهر له الحقُّ وكانَ مخالفً لرأيه ... بلوغ الأماني (12/41)

4-      إنكارُ عائشة على ابن عمر فتواه بنقض النساءِ رؤوسهن عند الغسل

5-      إنكارُ أم سلمة على سمرةَ بن جندب فتواه بقضاء صلاةِ الحائض

6-      إنكارُ عمار على عمر منعَهُ الجنبَ عن الصلاةِ إذا لم يجد الماء

7-      إنكارُ الضحاكِ ابن سفيان قولَ عمر بحرمان المرآةِ من دية زوجها : فقد كان الفاروقُ يرى أن المرآةَ لا ترثُ من ديةِ زوجها حتى قال له الضحاكُ ابنُ سفيان (كتبَ إلى رسولُ الله صلي الله عليه وسلم أن ورّث امرأة أشيمَ الضبابي من دية زوجها) فرجع عمرُ...) صحيح سنن أبي داود (2/565)

قال الشافعيُ (فقد رجع عمرُ عمَّا كانَ يقضي به لحديث الضحاكِ رضي الله عنهما) الرسالة صــ428

إخبارُ أحدٍ أو تذكيُره بوجودِ نصٍّ يعارضُ رأيه لا يعني الطعنَ فيه : فقد كانَ خيرُ هذه الأمّةِ بعد نبيهِّا أصحابُه رضي الله عنهم إذا شاهدوا أحداً يعارضُ نصاً أخبروه أو ذكّروه به فهل تضمّن ذلك الطعن فيمن أخبروه ؟

* ذكرُ بعض المسائلِ الخلافيةَ التي توجدُ فيها النصوصُ الدالةُ على صحَّةِ أحد الأقوال فيها :

1-      عدّةُ الحامل المتوفَّى عنها زوجها : قال الجمهور أن عدَّتها بوضع الحمل حتى لو وضعت بعد موتِ زوجها بلحظةٍ ، وقال بعضُ العلماء أن عدّتها بأقصى الأجلين هي أربعة أشهر وعشراً أو وضع الحمل وإذا بحثنا عن الدليل وجدنا نصاً صريحاً ثابتاً يدلَّ على أنّ عدّتها بوضع الحمل فقد روى مسلم عن سُبيعةَ أن زوجها توفي عنها وهي حاملٌ فوضعت حملها بعد وفاته ، فلمَّا طهرت من نفاسها تجمّلت للخطاّب ، فأنكر عليها قريبٌ لها ، فذهبت إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم فسألته فأفتاها بأنها قد حلّت حين وضعت حملها وأمرها بالتزوّج...) شرح النووي(10/109)

2-      تحريمُ نكاح التحليل : فقد حرّمه الجمهور وأحلَّهُ بعضُ الحنفيّةِ . وثبتت نصوصٌ صريحةٌ تدل على تحريمه منها : حديث ابن مسعود قال (لعن رسول الله صلي الله عليه وسلم المُحِلّ والمحلَّل له) الترمذي –صحيح السنن (1/326)

3-      استحباب رفعِ اليدين عند الركوع وعند الرفعِ منه : الجمهورُ على استحبابه – والحنفيةُ على عدم مشروعيته بل بعضهم قال بأنه يبطل الصلاة بل وقال بعضُهم من متأخري المغاربة أنه بدعة . وهناك عشراتُ الأحاديث التى تدلّ على أن النبيَّ كانَ يرفع يديه في الصلاةِ عند الافتتاح وعند الركوع وعند الرفع منه كما في صحيح البخاري (736) والسنن ..

4-      تعيينُ التكبير للدخول في الصلاةِ : ثبتت عدّةُ نصوص تدل على وجوب افتتاح الصلاةِ بالتكبير منها :

حديث المسيء صلاتَه وأن النبيَّ قال له (إذا قمت إلى الصلاةِ فكبرِّ ...) البخاري (793)  وحديث (مفتاح الصلاةِ الطهُور وتحريمهُا التكبير وتحليلها التسليم) رواه الخمسة –صحيح سنن أبي داود (1/15)

وأخيراً ينكر على من خالف نصاً صريحاً ولا ينكر على غيره .


والله أعلم ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق