الحمدُ لله رب العالمين والصلاةً والسلام
على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
وبعد،
إنّ دراسة موضوع الفتن واستخراجَ
العبرةِ منها، من القضايا المهمّة في حياةِ المسلمين، أمّا الغفلةُ عنها ونسيانُها
فهذا أمرٌ خطيرٌ وشرٌ مستطير.
والإسلامُ حرص على
تنبيه المسلم إلى الفتنِ وعلاماتِها ومقدّماتِها وأزمانها وأماكِنها وأحوالِها وأهدافها
وموقفِه منها، ليكون المسلمُ على بيّنةٍ منها فلا يُفاجأُ بظهورها.
ومعرفةُ المنهج الشرعيّ في مواجهةِ الفتن
أمرٌ مهمٌ ليستطيع المسلمُ الثباتَ فيها والرجوعَ إلى الله تعالى يعتمدُ عليه ويستمدُّ
منه المعونَة، أمّا غيرُ المسلم فهو في غايةِ الإرهاق والتعبِ والنّكدِ لأنه يتعاملُ
مع الفتن تعاملاً غير صحيح.
والفتنُ لها آثارٌ
ولولاها لما عُرِفَ الرجالُ من أشباههم وما عُرِفَ المنافقون مما سواهُم، والصادقونَ
في إيمانهم من الكاذبين، قال تعالى (أحَسِـبَ الناسُ أن يُتركـوا
أنْ يقولوا آمنَّا وهم لا يُفتنُـون . ولقد فتنَّا الذينَ من قبلهم . فلَيعلمَنَّ اللهُ
الذين صدقوا وليعلمنّ الكاذبين) العنكبوت (2-3(
والفتنُ إذا حلّت بأرضٍ يصيرُ الناسُ فيها
بلا عقولٍ يُصبحُ الرجلُ فيها مؤمناً ويُمسي كافراً، وما ذاك إلاّ لعظم شأنِ الفتن
وظلمتِها وهولها.
ولذلك فمعرفة الفتن
وكيف النجاةُ منها أمرٌ مهمٌ في حياةِ المسلم، فالواجبُ على المسلم أن يفقه هذا الأمرً،
وعلى الدعاةِ إلى الله وطلبةِ العلم خاصةً دراسةَ موضوع الفتن ونشر ما ثبت من النصوص
فيها ليُفيقَ الناسُ من غفلتهم كي لا تفاجئَهمُ تلك الفتنُ لتحولُ بينهم وبين التوبةِ
والإنابةِ إلى الله تعالى.
وليست كلّ فتنـةٍ نذيرَ شرٍّ وهلاكٍ، بل قد يكونُ إفتتـانُ المؤمنِ وابتلاؤُه
دليلَ خيرٍ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن عِظمَ الجزاءِ مع عِظَمِ
البلاءِ، وإنّ الله إذا أحبَّ قوماً ابتلاهُم، فمن رضي فله الرضَـا، ومن سخط فله السخُط) رواه الترمذي
وابن ماجة وهو في صحيح الجامع الصغير (2110).
وسيكون الكلامُ في
هذا الموضوع من خلالِ عدَّةِ نقاطٍ هي:
1. تعريفُ الفتنةِ
2. خطورةَ الفتنة على الدين
3. بعض النصوصِ الواردةِ في الفتن
4. أنواع الفتن
5. آثارُ الفتن
6. موقف المسلم من الفتن
7. خاتمـة.
1.
تعريـف
الفتنـة
للفتنة عدةُ معانٍ
وردت في النصوصِ الشرعيةِ منها الإبتلاءُ والامتحانُ والاختبارُ، والفتنةُ المالُ والفتنةُ
الأولادُ والفتنةُ الكفرُ، والفتنةُ اختلافُ الناسِ بالآراء، والفتنةُ الظلمُ، والفتنةُ
الإضلالُ والعذابُ والقتالُ والفضيحةُ وغيرُها.
§
قال تعالى (فليحذرِ
الذين يخالفونَ عن أمرِهِ أن تصيبَهُم فتنةٌ أو يصيبهم عذابٌ أليم) النـور (63) قال ابنُ كثير (أي في قلوبِهم من كفرٍ
ونفاقٍ أو بدعةٍ) التفسير (6/97)
§
وقال تعالى (فأمّا
الذين في قلوبِهم زيـغٌ فيتّبعُونَ ما تشابه منه ابتغاءَ الفتنةِ..) آل عمران (7) ، قال ابنُ كثير (ابتغاءَ الفتنةِ أي الاضلالَ
لأتباعهم ايهاماً لهم أنّهم يحتجُّون على بدعتهم بالقرآن) .
§
وقال تعالى (إنّ
الذين فتنوا المؤمنين والمؤمناتِ ثمّ لم يتوبوا فلهم عذابُ جهنّم ..) البروج (10)، روى الطبريُّ بسنده عن مجاهد في تفسير
(إنّ الذين فتنوا) قال: عذّبوا – تفسير الطبري (30/87) .
§
وقال تعالى (أحَسِبَ
الناسُ أن يُتركوا أنْ يقولوا آمنّا وهم لا يُفتنُون) العنكبوت (2-3). قال ابن كثير (معناه أن الله سبحنه وتعالى
لا بد وأن يبتليَ عباده المؤمنين..).
2.
خطورة
الفتن على الدِّين
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (بادروا بالأعمال فتنـاً كقطع الليل المظلم، يصبحُ الرجلُ مؤمنـاً
ويمسي كافراُ أو يُمسي مؤمناً ويُصبح كافراً، يبيعُ دينَهُ بعَرَضٍ من الدنيا) رواه مسلم (187).
قال النووي رحمه
الله (معنى الحديثِ الحثُّ على المبادرةِ إلى الأعمال الصالحةِ قبل تعذُرها، والاشتغالِ
عنها بما يحدث من الفتن الشاغلة ..) شرح مسلم (2/133).
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (تَعرضُ الفتنُ على القلوب عرضَ الحصير عوداً عوداً، فايَّ قلبٍ
أُشْربَها ، نُكِتَتْ فيه نُكتةٌ سوداءُ، وأيُّ قلبٍ أنكرها ، نُكتت فيه نكتةٌ بيضـاءُ،
حتى يصيرَ القلبُ أبيضَ مثل الصفـا، لا تضرُّهُ فتنـةُ ما دامتِ السمواتُ والأرضُ والآخرُ
أسودَ مُربدّاً كالكوزِ مَجخِيّاً لا يعرفُ معروفـاُ ولا يُنكرُ منكراُ إلاّ ما أُشربَ
من هواهُ) رواه أحمدُ ومسلمٌ وهو في صحيح الجامع (2957).
وقال حذيفةُ رضي الله عنه (إيّاك والفتنَ
، لا يشخصُ لها أحدُ، فوالله ما شخص منها أحدٌ إلاّ نسفتْهُ كما ينسفٌ السيلُ الدمنَ..)
رواه
الحاكم في المستدرك بإسناد صحيح.
3.
بعض
النصوصِ في الفتـن
قال الله تعالى (ولا تَمُدّنَّ عَينيكَ إلى ما متَّعنا به أزواجاً منهم زهرةَ الحياةِ
الدنيا لنفتنَهُم فيه ورزق ربّك خيرٌ وأبقى) سورة طه (131). قال ابنُ كثير (أي لا تنظرُ إلى ما هؤلاء
المترفون فيه من النَّعيم فإنما هو زهرةٌ زائلةٌ لنختبرهم بذلك).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يتقاربُ الزمانُ، ويُقبضُ العلمُ، وتظهرُ الفتنُ، ويُلقى الشحُ،
ويكثُر الهرجُ، قيل: ما الهرجُ يا رسول الله؟ قال: القتلُ) متفقٌ عليه.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنّ أمّتَكُم هذه جُعل عافيتُها في أولها، وسيصيبُ آخرَها بلاءٌ
وأمورٌ تُنكرونَها وتجيءُ فتنةٌ يرقِّقُ بعضُها بعضاً، وتجئيُ الفتنةُ فيقولُ المؤمنُ
هذه مهلكتي ثم تنكشفُ وتجئيُ الفتنةُ فيقُول المؤمنُ هذه هذه، فمن أحبّ أن يُزَحزَحَ
عن النّار ويَدخُلَ الجنّةَ فلتأتِه مَنيَّتُهُ وهو يؤمنُ بالله واليوم الآخر)
رواه
مسلمُ والنسائيُّ.
4.
أنواعُ
الفتن
منها فتنٌ دينيةٌ وفتنٌ دنيويةٌ وفتنٌ مقبلةٌ.
ا. أما الفتـنُ الدينيّـةُ فمنها:
§
فتنةُ اللسان:
واللسانُ من أشدِّ الأعضاءِ خطورةٍ، وفيه
يقولُ رسول الله صلى الله عليه وسلم (...وهل يكُبُ الناسَ
على وجوههم في النار إلاّ حصائدُ ألسنتِهِم) صحيح سنن ابن ماجة (3224) وارواءُ الغليل
(413).
وفتنةُ اللسانِ في
الوقوع في آفاتِه كالغيبةِ والنميمةِ والحسدِ والكذبِ وغيرها، والنجاةُ من آفات اللسانِ
وفتنته في قوله (ص) لمن سأله عن كيف النجاةُ قال (أملِكْ عليك لسانَك، وليسَعْكَ بيتُك،
وأبكِ على خطيئتك) صحيح سنن الترمذي (406). وقال (ص) (من وقاهُ اللهُ شرَّ ما بين لَحيَيْهِ،
وشرَّ ما بين رجليه دخل الجنّةَ) صحيح سنن الترمذي (2409).
§
فتنةُ الاختلافِ والفُرقةِ:
والفُرقةُ محرّمةُ لقوله تعالى (واعتصموا بحبلِ الله جميعاً ولا تفرّقوا) آل عمران (103).
§
الفتنةُ التي قد تقع من جور الأئمةِ:
فإذا سار المسلمُ على منهج الله تعالى قد
يُبتلَى من بعض الولاةِ أو منْ ينوبُ عنهم فعليه بالصبرِ وأداءِ الحقوقِ التي عليه
من السمع والطاعةِ في المعروف. وفي ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنّكم سترونَ بعدي أثرةً وأُموراً تُنكرونَها، قالوا: فما تأمرُنا
يا رسول الله؟ قال (أدّوا إليهم حَقّهم، وسَلُوا الله حَقّكُم) رواه البخاري (9/59) .
ويقولُ صلى الله
عليه وسلم (من رأى من أميرِه شيئاً فكرهه فلْيصبر فإنّهُ ليس أحدٌ يفارقُ الجماعةَ
شبراً فيموتُ إلاّ مات ميتةً جاهلية) رواه البخاري (9/59) كتاب الفتن.
ب. أما الفتـنُ الدنيويـةُ
فمنها:
§
فتنةُ المال (الغِنى والفقرُ) :
قال الله تعالى (إنّما أموالُكُم وأولادُكم فتنةُ واللهُ عنده أجرٌ عظيم) سورة التغابن (15).
قال ابن كثير (أي
اختباراً وابتلاءً من الله لخلقهِ ليعلمَ من يُطيعه ممن يعصيه).
وقال صلى الله
عليه وسلم (إنّ لكل أمّةٍ فتنةً ،و فتنةُ أمّتي المالُ) صحيح الجامع الصغير (2148). قال المناويُّ رحمه الله (أي الالتهاءُ
به، لأنه يُشغلُ البـال عن القيام بالطاعـةِ وينسي الآخـرة وفيه أن المالَ فتنـةُ،
وقد تمسّك به من فضّل الفقرَ على الغنى، قالوا: فلو لم يكن الغنى بالمالِ إلاّ أنّه
فتنة، فقلّ من سلم من إصابتها له، وتأثيرها في دينه ، لكفى) فتح القدير (2/507)
ومن دلائل الافتتان بالمالِ: الرياءُ في
الإنفاق والمنَ به، والانشغال به عن ذكر الله تعالى، والكسبُ الحرام والإنفاق الحرام،
وقد روى أحمدُ والبخاريُ عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (يأتي على الناسِ زمانٌ لا يبالي المرءُ ما أخذ منه، أمِنَ الحلالِ
أم من الحرام) فتح الباري (2059)
ومن فتنةِ المالِ
أن يقتلَ القاتلُ لأجله ويسرقَ السارقُ منه وتُقَطَّعُ الأرحام بسببه، وقد روى مسلمُ
وغيرُه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (تُلقي الأرضُ أفلاذ كبدها أمثال الأُسطوانِ من الذهب والفضّةِ ،
فيجيئُ القاتلُ فيقول: في هذا قتلتُ ، ويجيئُ القاطعُ فيقول: في هذا قطعتُ رحمي، ويجيئُ
السارقُ فيقول: في هذا قُطعت يدي، ثم يَدَعُونَه لا يأخذون منه شيئاً) مختصر مسلم (7)
وإذا كانت وفرةُ المال تُعِّرضَ صاحَبها للفتن فإن الفقرَ كذلك،
ومن دلائل الافتتان في الفقر: عدمُ الصبرِ على ابتلاءِ الفقر وذلك بالتسخُّطِ وعدم
الرضا والاعتراضِ على قضاءِ الله، فالفقرُ مصيبةُ عظيمة إذا لم يصبر عليها المسلمُ
تطاولَ على مالِ الغير ووقع في الحسدِ والسرقةِ والرِّشوةِ والربا وإراقةِ ماء الوجهِ
وغيرها.
§
فتنةُ النساءِ:
قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم (ما تركتُ بعدي فتنـةً أضرُّ على الرجالِ من
النساءِ) متفق عليه - وقال أيضـاً (إن الدنيا حلوةُ خَضِرةُ ، وانّ
الله مستخلفكم فيها فينظرَ كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساءَ فإن أوّلَ فتنةِ
بني اسرائيل كانت في النساءِ) رواه أحمدُ ومسلم (742).
ومن فتن النساءِ للرجالِ ظهورُ الكاسياتِ
العارياتِ المائلاتِ المميلاتِ.
ومن فتن النساءْ تكليفُ المرأة لزوجها ما لا يطيقُ ولو وقع في الحرام، كما فعلت
نساءُ بني إسرائيل وقد روى ابنُ خزيمةَ في كتابه التوحيد ص 320 أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال (إنّ أولَ ما أهلك بني إسرائيل أنّ امرأة
الفقير كانت تُكلّفُه من الثياب أو الصيغ ما تكلِّفُ امرأة الغني) السلسلة الصحيحة للألباني رقم (591)
ومن فتنة النساءِ قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم (إنّ المرأةَ تُقبلُ في صورةِ شيطانٍ ، وتُدبرُ
في صورةِ شيطانٍ، فإذا أبصَرَ أحدُكم امرأةً فليأتِ أهلَهُ فإنّ ذلك يَردُّ ما في نفسِه)
رواه
مسلم وعند
الترمذي (المرأةُ عورةٌ، فإذا خرجت استشرفها الشيطان) صحيح سنن الترمذي (1173).
§
فتنـةُ الأولاد:
قال تعالى (إنّما
أموالُكُم وأولادُكُم فتنةً) التغابن (15)
قال ابنُ كثير (أي
اختبارٌ وامتحانٌ مني لكم إذ أعطاكموها ليعلمَ أتشكرونه عليها وتطيعونَهُ أو تشتغلون
بها عنه...) تفسير
آية (28) من الأنفال.
ومن فتنةِ الأولاد الاشتغالُ بهم عن ذكر
الله تعالى ، ولذلك قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تُلهكم
أموالُكُم ولا أولادُكُم عن ذكر الله، ومن يفعلْ ذلك فأولئكَ هم الخاسرون) المنافقون .
ومن فتنةِ الأولاد أن منهم من يحملُ على
معصيةِ الله وقطيعةِ الأرحام ولذلك حذّرنا الله تعالى بقوله (يا أيها الذين آمنوا إنّ من أزواجكم وأولادِكم عدواً لكم فاحذروهم
...) قال ابن كثير (بمعنى أنه يلتهي بهم عن العمل الصالح ولهذا قال (فاحذروهم)
أي على دينكم..) تفسير الآية (14) من سورة التغابن.
وللحذر من الوقوع في فتنة الأولادِ ينبغي
على الوالدين احتسابَ الأجرِ والثوابِ في القيام بتربيةِ الأولادِ ورعايتِهم الرعايةَ
الصالحةَ والإنفاقِ عليهم من الحلالِ والعدلِ بينهم والصبر عليهم والإحسان إليهم، ففي الحديث الصحيح (من ابتُليَ من البناتِ بشئٍ ، فأحسنَ إليهنَّ كُنَّ له ستراً من
النّار) رواه مسلم (4/2027) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الولدُ ثمرةُ القلبِ ، وإنّهُ مَجْبنةُ، مبخلةٌ محزنةٌ) صحيح الجامع (7160)
§
فتنةُ الجـارِ:
فللجارِ حقوقٌ يجبُ أداؤها ، ومن حقوقه
الصبرُ عليه والإحسانُ ولو كانَ سيئاً ، والعملُ الصالح يكفِّرُ فتنَ الإنسانِ الدنيوية
بمختلف صورها، وفي ذلك يقولُ صلى الله عليه وسلم (...فتنةُ
الرجلِ في أهله وماله وولده وجاره ، يكفِّرها الصلاةُ والصدقةُ والأمرُ بالمعروفِ والنهيُ
عن المنكر...) رواه البخاري في صحيحه (9/68) كتاب الفتن.
§
ومن الفتنِ الدنيويةِ المشغلةِ عن العمل
الصالح:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (بادروا بالأعمال ستّاً : إمارةَ السفهاءِ، وكثرةَ الشُرَطِ ، وبيعَ
الحكم، واستخفافاً بالدم، وقطيعةَ الرحمِ ، ونشواً يتخذون القرآن مزاميرَ...) رواه أحمد والطبراني وهو في صحيح الجامع
(2809)
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (سيأتي على الناسِ سنواتٌ خداعاتٌ ، يصدّقُ فيها الكاذبُ، ويكذّبُ
فيها الصادقُ ويؤتمنُ فيها الخائنُ ، ويخوّنُ فيها الأمينُ ، وينطقُ فيها الرويبضةُ،
قيل وما الرويبضةُ؟ قال: الرجلُ التافهُ يتكلمُ في أمرِ العامَّةِ) صحيح الجامع (3544).
§
ومن الفتنِ الدنيويةِ: فتنةُ الهرج:
والهرجُ هو القتلُ
كما فسَّره رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بقوله (إنّ بين
يدي الساعةِ لأيّاماً ينزلُ فيها الجهلُ ويُرفعُ فيها العلمُ ويكثرُ فيها الهرجُ ،
والهرجُ القتلُ) رواه البخاري (كتاب الفتن). ولكثرةِ القتلِ بين المسلمين في آخر الزمان
لا يدري القاتلُ ولا المقتولُ ما سببُ القتل .
فإذا حدثت هذه الفتنةُ ووقع القتالُ بين المسلمين على غير
المنهج الشرعيِّ فعلى المسلم ما يلي:
* اعتزالُ
الفتنةِ وعدمُ المشاركة فيها ولا بالكلمةِ والرأي.
* حفظُ اللسان عن الخوضِ فيها ولزوم البيتِ
والتخلّص من السلاح بتكسيره.
* الفرار
إلى الباديةِ والعزلةِ ، وستأتيِ أدّلةُ ذلك قريباً.
* الإكثارُ من العبادةِ .
§
ومن الفتن الدنيوية: الفتنُ الثلاثُ الكبارُ
وهي فتنةُ الأحلاس والسرَّاء والدُّهيماء:
فقد روى مسلمٌ عن
حذيفة قال (والله إنّي لأعلمُ الناسِ بكلِّ فتنةٍ هي كائنةٌ فيما بيني وبين الساعةِ،
وما بي إلاّ أن يكون رسولُ الله أسرّ لي في ذلك شيئاً لم يُحدِّثْه غيري ولكنّ رسولَ
الله قال وهو يُحدّثُ مجلساً أنا فيه عن الفتن ، فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم وهو يعدُّ الفتنَ (منهنَّ ثلاثٌ لا يكدنَ يذرنَ شيئاً
، ومنهنّ فتنٌ كرياحِ الصيفِ ، منها صغارٌ ومنها كبارٌ) مختصر صحيح مسلم (1992)
ولعلّ الفتن الثلاثَ الكبارَ التي لا تذرَ
شيئاً هي المذكورة في حديث ابن عمر الذي رواه أحمدُ وأبو داود والحاكم قال: (كنّا قعوداً
عند النبيِّ صلى الله عليه وسلم فذكر الفتنَ ، فأكثرَ في ذكرها حتى ذكر فتنةَ الأحلاس
فقال قائلٌ: وما فتنةُ الأحلاسِ؟ قال: (هي هَرَبٌ وحَرْبٌ
، ثم فتنة السَّرَّاءِ ، دَخَنُها من تحت قدمِ رجلٍ من أهلِ بيتي ، يزعُم أنه منيِّ
وليس منِّي ، وإنما أوليائي المتّقُون ، ثم يصطلحُ الناسُ على رجلٍ كوركٍ على ضِلع،
ثم فتنةُ الدهيماء ، لا تدعُ أحداً من هذه الأمّةِ إلاّ لطمتهُ لطمةً، فإذا قيل: انقضَتْ
تمادت ، يصبحُ الرجلُ فيها مؤمنـاً ويُمسي كافراً، حتى يصيرَ الناسُ إلى فسطاطيـنِ:
فُسطاط إيمان لا نفاقَ فيه، وفُسطاط نفاقٍ لا إيمانَ فيه، فإذا كانَ ذاكمُ ، فانتظروا
الدجَّالَ من يومه أو غده) صحيح الجامع (4194)
ولا يجوزُ تطبيق نصوصِ الفتن على الواقع
إلاّ بعد حدوثها وانقضائها.
وأما الفتنُ المقبلةُ: ففتنةُ
الدجَّالِ وفتنةُ المماتِ وفتنةُ القبرِ .
1. فتنـةُ الدجَّـال:
هي أولُ أشراطِ الساعةِ الكُبْرى ، وهي
أعظمُ فتنةٍ تمرُّ بالبشـرِ ، وما من نبيٍّ إلاّ حذّر أمَّتَه من الدجَّال ، وقد وردت
الأحاديث المتواترةِ في ظهورهِ والتعريفِ به وعلاماتِ خروجه ومن هم أتباعهُ وصفاتهِ
والعصمةِ من فتنتِه، وهذه بعضُ الأحاديث فيه:-
في صحيح مسلم (ما
بين خَلْقِ آدمَ إلى قيام الساعةِ خَلْقٌ أكبرُ من الدجَّال) مختصر مسلم (2058)
وفي صحيح مسلم (الدجَّالُ أعورُ العينُ اليُسرى جُفالُ الشعر، معه جنّةٌ ونارٌ ، فناره جنّة
وجنتَّهُ نارٌ) (4/2248) مختصر مسلم (2047)
وعند أحمد وأبي داود (من سمع بالدجِّالِ
فلينأَ عنه، فوالله إنّ الرجلَ ليأتيه وهو يحسبُ أنه مؤمنٌ فيتَّبعُه ممّا يبعثُ به
من الشبهات) صحيح
الجامع (6301)
وعند ابن ماجةَ وغيره حديثٌ طويلٌ (ثلاث
صفحات) وهو في صحيح الجامع (7875) فليُراجَع.
وعند مسلم (من
حَفظَ عشرَ آياتٍ من أول سورة الكهفِ عُصمَ من الدجَّال) مختصر مسلم (2098)
2.
فتنـة الممـات:
قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم (إذا تشهَّدَ أحدُكم فلْيتعوذْ من أربع: من
عذاب جهنّم وعذاب القبر وفتنة المحيا والممات، ومن شرِّ فتنة المسيح الدجَّال، ثم ليدْعو
لنفسِه بما بدا له) صحيح سنن النسائي (1242)
والصحيحُ أنها الفتنةُ عند الاحتضار وسكراتِ
الموتِ والخاتمةِ ، وذلك أن الشيطانَ قد يعرض للمحتضر فيؤذيـه في دينِه فيُختَمُ له
بسـوءٍ والعيـاذُ بالله ، ولذلك كان يستعيـذُ رسـولُ الله من ذلك في دعائـه (..وأعوذُ بك أن يَتَخبّطنيَ
الشيطانُ عند الموتِ) صحيح الجامع
الصغير (1282) . أما النجاةُ
من فتنةِ الممات ففي احسانِ الظنِّ بالله عند الموت وقول لا إله إلا الله ، فقد قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم (من كَاَن آخرُ كلامه لا إله إلا الله
دخل الجنّة) صحيح الجامع (6479) ورواه أحمد
وأبو داود.
3.
فتنـةُ القبـر:
وهي فتنةٌ عظيمةٌ قريبةٌ في شدّتها من
فتنةِ الدجَّال وقد صحّتِ الأحاديثُ في أثباتها ومنها:
روي الشيخان وغيُرهما عن أسماء بنت أبي
بكر قالت: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما
من شيئٍ لم أكُنْ أُريتُه إلاّ رأيتُه في مقامي هذا ، حتى رأيتُ الجنّةَ والنّارَ ،
ولقد أُوحي إليّ أنّكُم تُفتنُـون في قبوركـم مثل أو قريباً من فتنةِ المسيح الدجَّال
، يُؤتَى أحدُكم فيقالُ له: ما علمُك بهذا الرجلِ...)
وقد صح أيضاً في ذكر فتنة القبرِ حديثٌ
طويلٌ في ثلاث صفحات ، وهو حديثُ البراء بن عازِب الذي رواه أحمدُ وأبو داود والحاكم
وابن خزيمة وغيُرهم وهو في صحيح الجامع (1676)
ووجه الافتتانِ في فتنة القبرِ هو سؤالُ الملكينِ في ذلك المكانِ
الضيّقِ المظلمِ ولا نجاة إلا بتثبيت الله تعالى للعبدِ ، قال تعالى (يُثّبُتُ
اللهُ الذينَ آمنوا بالقولِ الثابتِ في الحياةِ الدنيا وفي الآخرةِ..) سورة إبراهيم (27)
وعلى المسلم أن يحرصَ على
الطاعةِ في حياتِه وأن يستعيذ من عذاب القبر وفتنتِه دائماً.
5.
آثـارُ
الفتـن:
1. تمييز
الصادقين من الكاذبين ، قال تعالى (آلم . أحسبَ النـاسُ أن
يُتركـوا أن يقولوا آمنّـا وهُم لا يُفتًنُون . ولقد فتنَّا الذين من قبلهم فَلَيعلَمّنَّ
اللهُ الذين صدقُوا ولَيَعَلمّن الكاذبين) العنكبوت (1-3).
2. كشفُ
أستارِ المنافقين وفضحُهم : قال تعالى (ومنهم من يقولُ ائذنْ
لي ولا تفتنِّي ألا في الفتنةِ سقطوا وإنّ جهنّمَ لمحيطةٌ بالكافرين) التوبة (47 – 49)
3. الرحمةُ
والمغفرةُ لمن فُتِنَ وصبر وجاهد وعَبَدَ الله تعالى.
4. تمييز
الصابرين من القانطين والشاكرين من الجاحدين.
5. الحذرُ
من الشيطانِ وكيدِه: قال تعالى: (يا بني آدم لا يَفْتِنَنّكُم
الشيطانُ...) الأعراف (27).
والمؤمنُ التقي لا
يفتنُه الشيطان ، قال تعالى: (إنّ الذين اتّقَوا إذا مسَّهُمْ
طائف من الشيطانِ تذكّروا فإذا هم مُبصرونَ) الأعراف (201)
6.
سُبُل
النجاةِ من الفتن: موقف المسلم منها:
1. الاعتصامُ
بالكتابِ والسُنَّةِ: قال تعالى: (واعتصمُوا بحبلِ الله جميعاً ولا
تفرَّقُوا) آل عمران (103) وفي حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم (فإنَّه من يعش منكم بعدي فَسيَرى
اختلافاً كثيراً ، فعليكم بسنَّتي وسنّة الخلفاءِ الراشدين...) رواه الأربعة إلا النسائي.
وعن ابن عباسٍ أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يا أيها الناسُ أنِّي قد تركتُ فيكم ، ما إنْ اعتصمتُم
به فلن تَضِلُّوا أبداً ، كتابَ الله وسُنَّتي) رواه مالك وغيُره.
2. لزوم
الجماعة: أي
جماعة المسلمين بإقامةِ الدين بينهم والتعاون معهم على البرِّ والتقوى والحثِّ على
الاخوَّة الايمانيةِ والموالاةِ للمؤمنين ، وقد أمر رسول الله المؤمنين أن يلزموا جماعة
المسلمين وإمامَهُم عند ظهور الشرِّ والتفرَّق كما في حديث حذيفة رضى الله عنه في صحيح
البخاري (7084)
فتح (13/38)
قال النووي رحمه
الله (بابُ وجوب ملازمةِ جماعةِ المسلمين عند ظهور الفتنِ وفي كل حالٍ وتحريمِ الخروج
من الطاعةِ ومفارقةِ الجماعةِ) شرح صحيح مسلم (12/236)
والحاصلُ أنه يجبُ الالتزامُ
بجماعةِ أهل السنّةِ وجماعةِ السلف الصالح، وعدمُ الخروجِ عن قواعدهم وضوابطهم.
3.
الالتفافُ حول العلماءِ:
الرجوعُ إليهم عند الفتنِ يعينُ على الثباتِ
ويعصمُ من الزيغ والانحرافِ ، روى الحاكم في المستدرك عن بشيرٍ عن عمرو قال: شيّعنَا
ابن مسعودٍ حين خرج ، فقلنا له: اعهد إلينا فإنّ الناس قد وقعوا في الفتن ولا ندري
هل نلقاك أم لا؟ قال (اتقوا الله واصبروا حتى يستريحَ بَرٌّ أو يستراحَ من فاجرٍ وعليكم
بالجماعةِ)
وذكر ابنُ القيِّم في الوابل الصيّب ص
97 عن دور شيخهِ ابن تيمية في التثبتِ فقال: (وكنّا إذا اشتدَّ بنا الخوفُ ، وساءت
بنا الظّنونُ ، وضاقت بنا الأرضُ أتيناهُ فما هو إلاّ نراهُ ونسمعَ كلامَه فيذهبُ ذلك
كلُّه عنَّا..)
4.
طلبُ العلم الشرعيِّ:
لأن العلمَ يُرفعُ ويُقبَضُ عند ظهور الفتنِ
، وفي الصحيحين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يتقاربُ
الزمانُ ويُقبضُ العلمُ وتظهرُ الفتنُ...) فالعلمُ الشرعيِّ مهمُ لمواجهة الفتنِ
والنجاةِ منها.
قال ابنُ تيمية رحمه الله (إذا انقطع عن
الناسِ نورُ النبوّةِ ، وقعوا في ظلمةِ الفتنِ وحدثت البدعُ والفجورُ ووقع الشرَّ بينهم) الفتاوى (17/310)
وقال عبد العزيز بن باز رحمه الله (كلُّ
أنواعِ الفتنِ لا سبيل للتخلّص منها والنجاةِ منها إلاّ بالتفقّه في كتاب الله وسُنةِ
رسول الله ومعرفةِ منهج سلفِ الأمةِ)
وقال حذيفةُ لابن مسعودٍ رضي الله عنهما
حينما سأله عن الفتنةِ: (أما تعرفُ دينك يا ابن مسعودٍ؟ قال: بلى ، قال: فإنّها لا
تَضرُّ الفتنةُ ما عرفتَ دينك) مصنف عبد الرزاق (15).
5. ومن
العواصم من الفتن:
الثقةُ بنصرِ الله وأنّ المستقبلَ للإسلام مهما اسودّت الفتنُ
وأظلَمت لأن رسولَ الله أخبرنا بأنه تكون خلافةٌ على منهاج النبوّةِ كما في حديث حذيفة
عن أحمد وغيره.
6. ومن
سبُل النجاةِ من الفتنِ: الحذرُ من الإشاعاتِ عند وقوعها:
قال عمرُ (إيّاكُم
والفتنَ فإنّ وقعَ اللسانِ فيها مثلُ وقع السيفِ) كنز العمَّال (11/128)
وقال أبو هريرة
(ستكونُ فتنةٌ صماءُ بكماءُ عمياءُ ، من أشرَفَ لها استشرفت له ، وإشرافُ اللسانِ فيها
كوقوعِ السيفِ) رواه أبو داود.
7. ومن
سُبُل النجاةِ من الفتنِ:
الصبرُ
أمامها ، والصبرُ
بأنواعه الثلاثةِ: الصبرُ على الطاعةِ والصبرُ عن المعصيةِ والصبرُ عند المصيبةِ والابتلاءِ .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنّ من ورائكم أيامَ الصبرِ الصابرُ فيهنَّ كالقابضِ على الجمرِ
، للعاملِ فيها أجرُ خمسين منكم) رواه البزّار والطبراني وهو في صحيح الجامع
(2234) .
وعندما افتُتنَ آلُ ياسرٍ قال لهم رسول
الله صلى الله عليه وسلم (صبراً آل ياسرٍ فإنّ موعدَكم الجنّةَ)
وقال تعالى (ولنبلونّكُم
بشيئٍ من الخوفِ والجوعِ ونقصٍ من الأموال والأنفُسِ والثمراتِ وبشِّر الصابرين...)
البقرة
(155)
8. البعدُ
عن مواطن الفتنِ واجتنابُها وعدمُ التعرّض لها وتركُ أرضها:-
إن الفتنة إذا عمَّت هلكَ الجميعُ ، ولذا
فالواجبُ اجتنابُ الفتن ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنّ السعيدَ لمن جُنِّبَ الفتنَ (ثلاثاً) ولمن ابتُلي فصبَر)
رواه
أبو داود وهو في صحيح الجامع (137) .
وعند مسلم (انها
ستكونُ فتنٌ ثُمَّ تكون فتنٌ ، القاعدُ فيها خيرٌ من الماشي فيها والماشي فيها خيرٌ
من الساعي إليها) قال النووي (معناه .. بيانُ عظيمِ خطرها ، والحثُّ على تجنُّبها
والهربِ منها ، وأنّ شرَّها وفتنتها يكون على حسب التعلّق بها) .
وقال حذيفة رضي الله عنه (إيّاكم والفتنَ
لا يشخصُ لها أحدٌ ، واللهِ ما شَخَصَ لها أحدٌ إلاّ نسفَتْهُ) رواه أبو نُعيم في الحليةِ (1/273)
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يوشكُ أن يكونَ خيرُ مالِ المسلمِ غنماً يتبَّعُ بها شعفَ الجبالِ
ومواقِعَ القَطْرِ يفرَ بدينهِ من الفتنِ) رواه البخاري عن حذيفة .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ويلٌ للعرب من شرِّ قد اقتربَ ، أفلح من كفَّ يدَهُ) رواه أبو داود .
9.
ومن سُبُلِ النجاةِ من الفتنِ: الإكثارُ
من العبادةِ بأنواعها:
روى مسلمٌ عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال (العبادةُ في الهرجِ كهجرةٍ إليَّ) ، قال
النوويُّ رحمه الله . (المرادُ بالهرج هنا الفتنةُ واختلاطُ أمورِ الناسِ ، وسببُ فضلِ
كَثْرةِ العبادةِ فيه أن الناسَ يغفلون عنها ويشتغلون عنها ولا يتفرَغُ لها إلاّ الأفرادُ)
شرح
مسلم (5/809) .
10. التعوذُ
بالله تعالى من الفتنِ واللجوءُ إليه في كلِّ شئٍ:-
قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم (تعوّذوا بالله من الفتنِ ما ظهر منها وما
بطنَ) رواه
مسلمٌ . وفي
الصحيحين أمرنا بالاستعاذةِ من أربعٍ منها بعد التشهُّدِ .
وعندما خشيَ يوسفُ
عليه السلام من فتنةِ النساء قال (وإلاّ تَصْرِفْ عنِّي كَيدهُنَّ
أصبُ إليهنّ وأكُنْ من الجاهلين) .
7.
الخاتمـــة :
ممّا سبق تبيّن لنا
أن المسلمَ تعترضُه كثيرٌ من الفتن الدنيوية والدينيةِ والأخرويةِ ، فعليه أن يجاهدَ
نفسه وشيطانَه ويصبر عليها ويتعاملَ معها التعاملَ الشرعيَّ الذي بيّنتْهُ النصوصُ
ثم أقوالُ السلف الصالح وعلى المسلم أن يبتعد عن الأسباب التي توقعُ في الفتن وعليه
أن يسلك السُبُلَ الشرعيةَ للنجاةِ منها، فنعوذُ باللهِ من الفتنِ ما ظهر منها وما
بطنَ
.
وآخــرُ
دعوانــا أن الحمــدُ لله ربّ العالميــن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق