الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين ، وأشهد أن لا
إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، أما بعد :
فإن الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، يطول ويطول ، وعلى المسلم أن
يطلع على شمائله وأخلاقه وآدابه ليقتدي به في صفاته وأخلاقه وآدابه وعبادته ، ليزداد
حباً له صلى الله عليه وسلم . وسنتكلم عن بعض صفاته الخَلْقية والخُلُقية صلى الله
عليه وسلم .
' أما صفاته الخَلْقية فمنها :
* كان صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وجهاً
وأحسنهم خلقاً ، ليس بالطويل البائن ولا القصير (متفق عليه (
* وكان صلى الله عليه وسلم أبيض مليح الوجه
(رواه مسلم ، حديث
2430(
* وكان صلى الله عليه وسلم مربوعاً عريض ما
بين المنكبين ، كثّ اللحية (رواه البخاري)
قال أنس(كان رسول الله أزهر اللون كأن عرقه اللؤلؤ، إذا مشى تكفأ، وما
مسست ديباجاً ولا حريراً ألين من كف رسول الله،
ولا شممت مسكاً ولا عنبراً أطيب من رائحة النبي صلى الله عليه وسلم (متفق عليه)
* في حديث أم معبد قالت (رأيت رجلاً ظاهر الوضاءة أبلج الوجه … وسيم قسيم
وفي لحيته كثاثة ، أجمل الناس وأبهاهم) حديث حسن قوي رواه الحاكم وصححه . قال ابن كثير
(قصة أم معبد مشهورة مروية من طرق يشد بعضها بعضاً)
ويقول جابر بن سمرة رضي الله عنه (كان رسول الله ضليع الفم ، أشكل العين
، منهوس العقبين . قال : قلت لسماك: ما ضليع الفم؟ قال: عظيم الفم ، قال: قلت ما أشكل
العين؟ قال : طويل شق العين ،قال: قلت : ما
منهوس العقب؟ قال: قليل اللحم) قال القاضي : الشكلة : حمرة في بياض العين) رواه مسلم ح 2339 ، راجع شرح النووي
15/93
* وفي حديث جابر بن سمرة أيضاً (وكان كثير
شعر اللحية) مسلم
* وعن علي قال (كان رسول الله ليس بالطويل
ولا بالقصير ، ضخم الرأس واللحية) أحمد والحاكم وصححه الألباني في الشمائل رقم(4)
* وقال أنس (كان شعر رسول الله إلى نصف أذنيه)
أبو داود وصححه الألباني
في مختصر الشمائل رقم(21)
* وعن أبي رمثة التيمي قال (أتيت النبي مع
ابن لي ، ورأيت الشيب أحمرا) صححه الألباني في مختصر الشمائل رقم (37)
* وسُئل أبو هريرة : هل خضب رسول الله ؟ قال
نعم ـ صححه
الألباني في الشمائل رقم (38)
* وفي صحيح البخاري أن أم سلمة أخرجت شعراً
من شعر النبي مخضوباً ـ كتاب اللباس
* وقال أنس (رأيت شعر رسول الله مخضوباً)
مختصر الشمائل رقم
(40) ورجح النووي خضاب رسول الله في شرح حديث
مسلم رقم (3630) وابن حجر في الفتح في اللباس ، وللمزيد راجع كلام الألباني في مختصر
الشمائل تحت الأرقام (40-41)
* وعن أنس قال (كان رسول الله يعيد الكلمة
ثلاثاً لتفهم عنه) البخاري
المختصر رقم(65)
* وعن عبد الله بن الحارث قال : (ما رأيت
أحداً أكثر تبسماً من رسول الله) صححه الألباني في مختصر الشمائل
رقم(194)
* وكان صلى الله عليه وسلم أشد حياءً من العذراء
في خدرها ـ متفق
عليه .
' أما صفاته الخُلُقية فمنها :
* كان صلى الله عليه وسلم أكمل الناس خُلُقاً
في جميع محاسن الأخلاق ، ويكفي دليلاً على ذلك قوله تعالى (وإنك لعلى خُلُق عظيم) القلم(4)
* يقول أنس (كان صلى الله عليه وسلم أحسن
الناس وجهاً وأحسنهم خُلُقا) البخاري
* وقال أيضاً : (لم يكن رسول الله فاحشاً ولا لعاناً ولا سباباً)
البخاري
* وتقول عائشة :(ما انتقم رسول الله لنفسه
في شيء قط إلا أن تُنتهك حرمة الله فينتقم لله بها) متفق عليه
* وحث على حسن الخُلق فقال صلى الله عليه
وسلم : "ان من أحبكم إليّ وأقربكم منيّ مجلسا يوم القيامة
أحاسنكم أخلاقاً" رواه الترمذي.
فإذا سألت عن تواضعه صلى الله عليه وسلم :
* قال أنس : (لم يكن شخص أحب إليهم من رسول
الله ، وكانوا إذا رأوه لم يقوموا لما يعلموه من كراهيته لذلك) صححه الألباني في مختصر الشمائل رقم(289)
* وعن عمرة قالت : (قيل لعائشة : ماذا كان
يفعل رسول الله في بيته؟ قالت: كان بشراً من البشر ، يفلي ثوبه ويحلب شاته ويخدم نفسه)
صححه الألباني في
الشمائل رقم(393)
* وعن عائشة قالت : (لم يكن رسول الله فاحشا
ولا متفحشاً ولا صخاباً في الأسواق ولا يجزئ بالسيئة ولكن يعفو ويصفح) الترمذي وأحمد وصححه الألباني في الشمائل
رقم(298)
* وعن أنس أن رسول الله مر على صبيان يلعبون
فسلم عليهم ـ رواه مسلم
* وبين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
أهم فوائد التواضع في قوله: "أن الله أوحى إليّ أن تواضعوا
حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد" رواه مسلم
وإذا سألت عن حلمه صلى الله عليه وسلم ترى العجب :
* عن أنس قال: (كنت أمشي مع النبي صلى الله
عليه وسلم ، وعليه برد نجراني غليظ الحاشية ، فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة
حتى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله قد أثرت بها حاشية البرد من شدة جبذته، قال يا محمد
مُرْ لي من مال الله الذي عندك، فالتفت رسول الله ثم ضحك،ثم أمر له بعطاء) متفق عليه
وإذا سألت عن صبره صلى الله عليه وسلم فهاك أمثلة :
*في غزوة أحد تُكسر رباعيته ويُشج رأسه فجعل
يسلت الدم عنه ويقول : "كيف يفلح قوم شُج نبيهم وكسروا
رباعيته" رواه
مسلم
*وبعد أن قسم قسماً من الناس ، يأتيه رجل
ويقول له : ما أريد بهذا وجه الله !! فيقول صلى الله عليه وسلم: "يرحم الله موسى فقد أوذي بأشد من هذا فصبر" متفق عليه
وإذا سألت عن رفقه بالناس فقد كان رفيقاً بهم :
*يقول أنس : (بينما نحن في المسجد مع رسول
الله إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد ، فيصيح الصحابة به مه مه ، فيقول عليه الصلاة
والسلام : لا تزرموه دعوه ، ثم يقول له : "ان المساجد
لا تصلح لشيء من هذا البول والقذر وإنما هي لذكر الله والصلاة والقرآن
"" ثم يلتفت إلى أصحابه ويقول :"" إنما بُعثم ميسرين ولم تُبعثوا
معسرين ، صبوا عليه دلواً من الماء" متفق عليه
*وعن عائشة أن اليهود أتوا النبي صلى الله
عليه وسلم فقالوا : السام عليك ، فقال لهم : وعليكم . فقلت : السام عليكم ولعنكم الله
وغضب عليكم ، فقال رسول الله "مهلاً يا عائشة عليكِ بالرفق
وإياكِ والعنف والفحش" رواه البخاري ، وفي رواية "يا عائشة أرفقي فإن الله إذا
أراد بأهل البيت خيراً أدخل عليهم الرفق" أحمد ، وهو صحيح
* ومن رفقه صلى الله عليه وسلم يقول : "اني لأدخل في الصلاة وأنا أريد أن أطيل ، فأسمع بكاء الصبي
فأتجوز في صلاتي مما أعلم من شدة وجد أمه من بكائه" متفق عليه .
وإذا سألت عن رحمته صلى الله عليه وسلم فإنك ترى العجب :
* وكيف لا يكون رحيماً وهو القائل "بُعثتُ بالرحمة" مسلم ، وهو القائل "لا يرحم الله من لا يرحم
الناس"
* ومن رحمته أنه قبّل الحسن بن علي وعنده
الأقرع بن حابس التميمي . فقال الأقرع : إن لي عشرة من الولد ما قبّلت منهم أحداً ،
فنظر إليه رسول الله ثم قال "من لا يرحم لا يُرحم"
متفق
عليه
وكان رحيماً بالحيوان أيضاً :
*فقد مرّ ببعير قد لحق ظهره ببطنه فقال "اتقوا الله في هذه البهائم" أبو داود
* وكان يُميل للهرة الإناء فتشرب ثم يتوضأ
بفضلها . الطبراني
وهو صحيح .
*وهو القائل "فإذا
قتلتم فأحسنوا القتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة ، وليحدّ أحدكم شفرته وليرح ذبيحته"
رواه
مسلم
* وهو القائل "من
رحم ذبيحة عصفور رحمه الله" صحيح الجامع الصغير
وإذا سالت عن كرمه صلى الله عليه وسلم فهناك أمثلة :
كان صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان ـ البخاري
* يقول أنس: أن رسول الله لم يسأل شيئاً عن
الإسلام إلا أعطاه ، فقال: أتاه رجل فأمر له شاء كثير بين جبلين من شاء الصدقة ، فقال
فرجع إلى قومه فقال : يا قوم أسلموا فإن محمداً يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة . رواه مسلم .
* وهو القائل (فوالله
لو كان لي عدد هذه العضاة نعماً لقسمته بينكم ثم لا تجدوني بخيلاً ولا جباناً ولا كذاباً)
البخاري .
أما عن حيائه صلى الله عليه وسلم :
* فقد كان أشد حياءً من العذراء في خدرها
… متفق عليه
* وعندما رأى رجلاً يغتسل بالفضاء، صعد المنبر
فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : "ان الله حيي ستير ، يحب
الحياء والستر ، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر" أحمد وحسّن سنده الألباني في المشكاة .
فهذه قطوف من صفاته صلى الله عليه وسلم الخَلْقية والخُلُقية
فإذا كنا صادقين في محبتنا له فلنتخلق بأخلاقه وآدابه
ولنتمسك بسنته صلى الله عليه وسلم
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق